قال:«قال الله تعالى: كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إيّاي؛ فزعم أنّي لا أقدر على إعادته كما كان، وأما شتمه إيّاي، فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتّخذ صاحبة وولدا». سبحانه! انظر الآية رقم [٣٢].
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: ملكا، وخلقا، وعبيدا، والملكية تنافي الولادة. هو سبحانه المتصرّف في خلقه، وهو خالقهم، ورازقهم، ومسخّرهم، ومسيّرهم، ومصرّفهم كما يشاء، والجميع عبيد له، وملك له، فكيف يكون له ولد منهم؛ والولد إنّما يكون من شيئين متناسبين، والله تبارك وتعالى ليس له نظير، لا مشارك له في عظمته، وكبريائه!.
هذا؛ وعبّر سبحانه ب ({ما}) تغليبا لما لا يعقل على من يعقل، كما غلّب في آيات كثيرة من يعقل على ما لا يعقل. {كُلٌّ} أي: كلّ ما فيها، فالتنوين عوض من المضاف إليه. {قانِتُونَ:} مطيعون، منقادون مذلّلون، مسخّرون، المسلمون، والكافرون، والصّالحون، والفاسدون، فالأوّلون بالعبادة، والطاعة، والإنابة، والكافرون مسخّرون لأوامره، وتنفيذ قضائه عليهم في الدنيا، وفي الآخرة محاسبون، ومجزيون على كفرهم، وفسوقهم بالعذاب الأليم، والعقاب الشديد. وأيضا فيه تغليب من يعقل على ما لا يعقل؛ حيث جمع بالواو والنون جمع المذكر السالم.
الإعراب:{وَقالُوا:} ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:
({قالَتِ الْيَهُودُ}) في الآية رقم [١١٣]، وقيل: معطوفة على جملة: {وَمَنْ أَظْلَمُ،} وقرئ بدون واو، فتكون مستأنفة. {اِتَّخَذَ اللهُ وَلَداً:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {سُبْحانَهُ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو لمفعوله فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الحاصلة منه، ومن فعله المحذوف معترضة لا محل لها من الإعراب.
{بَلْ:} حرف إضراب تبتدأ بعده الجمل. {لَهُ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم غير متعلقة بكلام سابق. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخّر، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {فِي السَّماواتِ:} متعلقان بمحذوف صلة {ما}. {وَالْأَرْضِ:}
معطوف على ما قبله. {كُلٌّ:} مبتدأ، {لَهُ:} متعلقان ب {قانِتُونَ} بعدهما. {قانِتُونَ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المستتر في الصلة المقدرة، وهذه الحال مؤكّدة لمضمون الجملة الاسمية فيها.
الشرح:{بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:} منشئهما، وموجدهما، ومبدعهما، ومخترعهما على غير حدّ، ولا مثال سبق، قال تعالى في سورة (الأنعام): {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}