رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى أبا بكر رضي الله عنه، فقال: اقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنا لا أقبلها! فلما قبض أبو بكر، وتولى عمر رضي الله عنه الخلافة جاءه ثعلبة بصدقته، وطلب قبولها، فقال له: لم يقبلها منك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا أبو بكر، فأنا لا أقبلها، فلما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة جاءه بها، فلم يقبلها، وهلك في خلافته. انتهى. قرطبي وخازن بتصرف.
الإعراب:{وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ}: انظر إعراب مثل هذه الكلمات في الآية رقم [٥٠] والجملة الاسمية الناتجة منه مستأنفة لا محل لها {لَئِنْ}: اللام: موطئة لقسم محذوف، (إن): حرف شرط جازم. {آتانا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، وهو في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (الله)، و (نا): مفعول به أول، {مِنْ فَضْلِهِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، والهاء: في محل جر بالإضافة، وجملة:
{آتانا مِنْ فَضْلِهِ} لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.
{لَنَصَّدَّقَنَّ}: اللام: واقعة في جواب القسم المحذوف، (نصدقن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وانظر الآية رقم [٤٣]، والكلام بمجموعه جواب للقسم المفهوم من {عاهَدَ} وقال أبو البقاء: فيه وجهان: أحدهما: تقديره: عاهد، فقال:{لَئِنْ آتانا،} والثاني: أن يكون {عاهَدَ} بمعنى «قال»؛ إذ العهد قول، وهذا يعني: أن الكلام على الوجه الأول في محل نصب مقول القول لقول محذوف، وعلى الثاني: أنه مفعول به ل {عاهَدَ،} وغير مسلم له الوجهان، وأما الجمل فقال: جملة: {لَنَصَّدَّقَنَّ} جواب القسم {عاهَدَ،} ولا يمتنع الجمع بين القسم، واللام الموطئة، وهو مردود أيضا، وإعراب:(لنكونن) مثل إعراب سابقه، ولكنه ناقص، فاسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن {مِنَ الصّالِحِينَ}: متعلقان بمحذوف في محل نصب خبره، والجملة الفعلية معطوفة على سابقتها، لا محل لها مثلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{فَلَمّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}: فلما أعطاهم، ورزقهم، وأغناهم من خزائنه التي لا تنفد، {بَخِلُوا بِهِ}: منعوا حق الله فيه، ولم يفوا بما عاهدوا الله ورسوله عليه:{وَتَوَلَّوْا}:
أعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله. {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} أي: هم قوم شأنهم، وعادتهم الإعراض عن طاعة الله ورسوله.
تنبيه: جمع الضمير مع كون المنزل بشأنه واحدا، وهو ثعلبة؛ لأن جميع المنافقين مثل ثعلبة، يخلفون الوعود، وينكثون العهود، ويكذبون، ويخونون، وقيل: نزلت الآيات في ثعلبة