وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب عندهم انتصاب المفعول به على السعة بإجراء اللازم مجرى المتعدي. و {أَبْوابَ} مضاف، و {جَهَنَّمَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، وجملة:
{اُدْخُلُوا..}. إلخ في محل رفع نائب فاعل {قِيلَ}. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٤٥] من سورة (يس) إن أردت الزيادة. {خالِدِينَ:} حال مقدرة من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وانظر أنواع الحال في الآية رقم [٦٥] من سورة (الأحزاب) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {فِيها:}
جار ومجرور متعلقان ب:{خالِدِينَ،} وجملة: {قِيلَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{فَبِئْسَ:} الفاء: حرف استئناف، أو هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير:
وإذا كان ذلك حاصلا لكم، وواقعا؛ فبئس. (بئس): فعل ماض جامد دال على إنشاء الذم.
{مَثْوَى:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للتعذر، و {مَثْوَى} مضاف، و {الْكافِرِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: فبئس مثوى المتكبرين جهنم! والجملة الفعلية لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الفاء.
تنبيه: قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: اللام في: {الْمُتَكَبِّرِينَ} للجنس، والمخصوص بالذم محذوف سبق ذكره، ولا ينافي إشعاره بأن مثواهم في النار لتكبرهم عن الحق أن يكون دخولهم فيها؛ لأن كلمة العذاب حقت عليهم، فإن تكبرهم، وسائر مقابحهم مسببة عنه، كما قال عليه الصلاة والسّلام:«إنّ الله تعالى إذا خلق العبد للجنة؛ استعمله بعمل أهل الجنة؛ حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخل به الجنة، وإذا خلق العبد للنار؛ استعمله بعمل أهل النار؛ حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخل به النّار». انتهى.
الشرح:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا..}. إلخ: يعني: جماعات من الشهداء، والزهاد، والعلماء، والقراء وغيرهم ممن اتقى الله، وعمل بطاعته. وقال تعالى في حق الفريقين:(سيق) بلفظ واحد، فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزي، والهوان، كما يفعل بالأسارى، والخارجين على السلطان؛ إذا سيقوا إلى حبس، أو قتل، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين، كما يفعل بمن يشرف، ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين!. انتهى. قرطبي وشبيه به في الكشاف.