للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى}.

وقوله تعالى: {أَكْبَرُ} أي: أعظم، وأشق بحسب عادة الناس في مزاولة الأعمال من أن علاج الشيء الكبير أشق من علاج الصغير، وإن كان بالنسبة إلى الله تعالى لا تفاوت بين الصغير، والكبير، وقال تعالى في سورة (الروم) رقم [٢٧]: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ:} انظر الآية رقم [٢٩] من سورة (الزمر) ففيها الكفاية.

الإعراب: {لَخَلْقُ:} اللام: لام الابتداء. (خلق): مبتدأ، وهو مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، انظر تقديره في الشرح. {وَالْأَرْضِ:}

معطوف على ما قبله. {أَكْبَرُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ خَلْقِ:} متعلقان ب‍: {أَكْبَرُ،} و {لَخَلْقُ} مضاف، و {النّاسِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف أيضا. {وَلكِنَّ:} الواو: حرف عطف. (لكنّ): حرف مشبه بالفعل.

{أَكْثَرَ:} اسمها، و {أَكْثَرَ} مضاف، و {النّاسِ} مضاف إليه، وجملة: {لا يَعْلَمُونَ} مع المفعول المحذوف في محل رفع خبر (لكنّ)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. وقيل: في محل نصب حال. ولا وجه له قطعا.

{وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨)}

الشرح: {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ} أي: الجاهل، والعالم، والكافر، والمؤمن.

فهذا مثل ضربه الله لهما؛ أي: فكما لا يتساوى الأعمى مع البصير؛ فكذلك لا يتساوى المؤمن المستنير بنور القرآن، والكافر الذي يتخبط في الظلام. ففي الكلام استعارة تصريحية؛ حيث شبه الله الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير بجامع ظلام الطريق، وعدم الاهتداء على الكافر، واستعار البصير للمؤمن بطريق الاستعارة التصريحية.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ} أي: لا يستوي المحسن، والمسيء، فينبغي أن يكون لهم حال يظهر فيها التفاوت، وهي فيما بعد البعث، وزيادة (لا) في المسيء؛ لأن المقصود نفي مساواته للمحسن فيما له من الفضل، والكرامة.

{قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ} أي: إن الذين يتذكرون إذا ذكروا، ويتعظون إذا وعظوا قليلون. هذا؛ ويقرأ الفعل بالياء بالغيبة لمناسبة ما قبله، ويقرأ بالتاء على الخطاب التفاتا من الغيبة إلى الخطاب في مقام التوبيخ، وإظهار العنف الشديد، والإنكار البليغ. وانظر فوائد الالتفات في سورة (الصافات) رقم [١٣٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>