الإعراب: {أَفَعَيِينا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي تقريعي. الفاء: حرف استئناف. (عيينا): فعل، وفاعل، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. وقيل: معطوفة على جملة محذوفة مقدرة، ولا داعي له. {بِالْخَلْقِ:} متعلقان بما قبلهما. {الْأَوَّلِ:} صفة:
(الخلق). {بَلْ:} حرف عطف، وإضراب. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِي لَبْسٍ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها.
{مِنْ خَلْقٍ:} متعلقان ب: {لَبْسٍ،} أو بمحذوف صفة له. {جَدِيدٍ:} صفة: {بِالْخَلْقِ}. هذا؛ وقال الجمل: الجملة الاسمية معطوفة على مقدر يقتضيه السياق، يدلّ عليه ما قبله، كأنه قيل: هم غير منكرين لقدرتنا عن الخلق الأول، بل هم في خلط، وشبهة من خلق جديد مستأنف؛ لما فيه من مخالفة العادة. وتنكير: {بِالْخَلْقِ} لتفخيم شأنه، والإشعار بخروجه عن حدود العادات، والإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه، ويهتمّ بمعرفته. انتهى. نقلا من أبي السعود.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)}
الشرح: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ:} آدم، وكل واحد من ذريته. {وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} أي:
ما يختلج في سرّه، وقلبه، وضميره. وفي هذا زجر عن المعاصي؛ التي يستخفى بها.
والوسوسة: حديث النفس بمنزلة الكلام الخفي، ومنه: وسواس الحلي. قال الأعشى: [البسيط] تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت... كما استعان بريح عشرق زجل
انظر شرح هذا البيت وإعرابه في كتابنا: «إعراب المعلّقات العشر» ورقمه [٤] من معلقة الأعشى. هذا؛ ومن فضل الله وكرمه أنه تجاوز عن وسوسة القلب، وحديث النفس، فقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «إنّ الله تعالى تجاوز لأمّتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تقل، أو تعمل» وانظر ما ذكرته في سورة (البقرة) رقم [٢٨٤] و [٢٨٦].
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ:} هذا بيان لكمال علمه؛ أي: نحن أعلم به منه، و {الْوَرِيدِ:}
العرق الذي يجري منه الدم، ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن، وهو بين الحلقوم، والعلباوين. ومعنى الاية: أنّ أجزاء الإنسان، وأبعاضه يحجب بعضها بعضا، ولا يحجب عن علم الله شيء، وحبل الوريد مثل في فرط القرب، كقولهم: هو مني مقعد القابلة، ومعقد الإزار، قال ذو الرّمّة: [الرجز] هل أغدون في عيشة رغيد؟ ... والموت أدنى لي من الوريد
وقيل: يحتمل أن يكون المعنى: ونحن أقرب إليه بنفوذ قدرتنا فيه، ويجري أمرنا فيه كما يجري الدم في عروقه. كما قيل: إن المراد ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده