تقديره: «أنت». {الْعُمْيَ:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف. (من): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب معطوفة على: {الْعُمْيَ}. {كانَ:} فعل ماض ناقص واسمه مستتر، تقديره: «هو»، يعود إلى (من)، وهو العائد، أو الرابط. {فِي ضَلالٍ:} متعلقان بمحذوف خبر:
{كانَ}. {مُبِينٍ:} صفة: {ضَلالٍ،} وجملة: {كانَ..}. إلخ صلة (من)، أو صفتها.
{فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١)}
الشرح: {فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} أي: فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم، أو: قبل أن نعذبهم، ونشفي صدرك، وصدور المؤمنين بتعذيبهم. وقال القرطبي: يريد: نخرجك من مكة، ونخلصك من أذى قريش. {فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ:} بعدك في الدنيا بالقتل، والأسر، وفي الآخرة بعذاب النار.
قال الزمخشري: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجد، ويجتهد، ويكد روحه في دعاء قومه إلى الإيمان؛ وهم لا يزيدون على دعائه إلاّ تصميما على الكفر، وتماديا في الغي، فأنكر عليه بقوله: {أَفَأَنْتَ..}. إلخ. الآيات؛ التي نحن بصدد شرحها. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (غافر) رقم [٧٧]: {فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ}.
تنبيه: (إما): أصلها: (إن ما) «إن» الشرطية و «ما» الزائدة، فأفادت التوكيد؛ لأنّ معنى «إن» في الأصل الشك. فزال هذا المعنى بسبب «ما»؛ ولذا أكد الفعل بعدها بنون التوكيد الثقيلة.
وذكر ابن هشام في المغني: أن توكيد الفعل بعدها قريب من الواجب، وذكر آيات كثيرة الفعل المضارع مؤكد فيها بنون التوكيد. وأضيف: أنه قرئ قوله تعالى في سورة (مريم) رقم [٢٦]:
{فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} بدون تأكيد الفعل بنون التوكيد.
الإعراب: {فَإِمّا:} الفاء: حرف استئناف. (إمّا): (إن): حرف شرط جازم. و «ما»: صلة.
{نَذْهَبَنَّ:} فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محلّ له، وهو في محل جزم فعل الشرط، والفاعل مستتر وجوبا، تقديره: «نحن». {بِكَ:} متعلقان به، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنّا:}
الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مُنْتَقِمُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: (إنا...) إلخ في محل جزم عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنّها لم تحل محل المفرد، و (إن) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له.