والفاعل ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {وَالْجِبِلَّةَ:} الواو: حرف عطف. (الجبلة): معطوف على الكاف الواقعة مفعولا. {الْأَوَّلِينَ:} صفة (الجبلة) منصوب مثله، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة:{وَاتَّقُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.
الشرح:{قالُوا إِنَّما} ... {مِثْلُنا:} هذا الكلام تقدم شرحه وإعرابه في الآيتين [١٥٣] و [١٥٤] مع فارق بينهما، وهو زيادة الواو هنا، وتركها هناك، وفرق بينهما الزمخشري رحمه الله؛ حيث قال: إذا أدخلت الواو؛ فقد قصد معنيان، كلاهما مناف للرسالة عندهم: التسحير، والبشرية، وأن الرسول لا يجوز أن يكون مسحرا، ولا يجوز أن يكون بشرا. وإذا تركت الواو؛ فلم يقصد إلا معنى واحد، وهو كونه مسحرا، ثم قرر بكونه بشرا مثلهم.
{وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} أي: ما نظنك إلا من الكاذبين. هذا عند الكوفيين، وعند البصريين. التقدير: وإنا لنظنك من الكاذبين فيما تدعيه. والمراد بالظن هنا: الطرف الراجح، المفيد لليقين. وانظر الإعراب، والله الموفق إلى الحق، والصواب، وإليه المرجع، والماب.
الإعراب:{وَإِنْ:} الواو: واو الحال. (إن): مخففة من الثقيلة مهملة لا عمل لها.
{نَظُنُّكَ:} فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره:«نحن»، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {لَمِنَ:} اللام: هي الفارقة بين النافية، والمهملة. (من الكاذبين): جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، وهذا عند البصريين، والمتعلق محذوف، التقدير: فيما تدعيه من النبوة، والرسالة.
قال النسفي تبعا للزمخشري: وإنما تفرقتا: أي: (إن) المخففة، و (اللام الفارقة) على فعل الظن وثاني مفعوليه؛ لأن أصلهما أن يتفرقا على المبتدأ، والخبر، كقولك: إن زيدا لمنطلق، فلما كان بابا:«كان» و «ظننت» من جنس المبتدأ والخبر؛ فعل ذلك في البابين، فقيل: إن كان زيد لمنطلقا، وإن ظننته لمنطلقا. انتهى. والجملة القرآنية التي تشبه هذه الجملة هي قوله تعالى:
{وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ} هذا؛ وأما الكوفيون فيعتبرون (إن) نافية، واللام بمعنى:«إلا» وباقي الإعراب مثل البصريين، والجملة الفعلية على الإعرابين في محل نصب حال من (نا) والرابط: الواو، والضمير. تأمل، وتدبر.