للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانية ل‍: (عذاب)، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، أو في محل نصب حال من الضمير المستتر بقوله: {لِلْكافِرينَ}. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍: {واقِعٍ،} وعليه فجملة: {لَيْسَ لَهُ دافِعٌ} معترضة على اعتبارها مستأنفة، أو هما متعلقان ب‍: {دافِعٌ} أي: ليس له دافع من جهته إذا جاء وقته. {ذِي:} صفة لفظ الجلالة مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذي) مضاف، و {الْمَعارِجِ} مضاف إليه.

{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)}

الشرح: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} أي: تصعد في المعارج التي جعلها الله لهم، و (الروح) جبريل، عليه السّلام. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-. دليله قوله تعالى في سورة (الشعراء) رقم [١٩٣]: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}. وقيل: هو ملك عظيم الخلقة. وقال أبو صالح: إنه خلق من خلق الله كهيئة الناس وليس بالناس. وعلى كل الأقوال أفرده بالذكر، وإن كان من جنس الملائكة؛ لشرفه، وفضله، وعلو منزلته.

{إِلَيْهِ} أي: إلى الله تعالى، أو إلى المكان، الذي هو محلهم، وهو في السماء؛ لأنها محل بره، وكرامته. وقيل: إلى عرشه. وأخر هنا، وفي سورة (القدر)، وقدم في سورة (النبأ) في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا..}. إلخ؛ لأن المقام هنا، وفي سورة (القدر).

يقتضي تقديم الجمع على الواحد، من حيث إنه هنا مقام تخويف، وتهويل، وفي سورة (النبأ) مقام تعظيم، وتبجيل، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

{فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ:} قال محمد بن إسحاق، ووهب، والكلبي: أي:

عروج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة. وقال وهب أيضا: ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة. وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} في سورة (السجدة) بأن المراد من منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة، وقوله تعالى في (السجدة): {فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} يعني بذلك: نزول الأمر من سماء الدنيا إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، فذلك مقدار ألف سنة؛ لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمئة عام. وانظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، ثم يدخلون النار للاستقرار. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: وهذا القول أحسن ما قيل في الآية بدليل ما رواه قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>