اعتباره بدلا من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، وهو الأقوى والأولى، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها. {عالِمُ:} يجوز فيه أربعة أوجه: أحدها: أن يكون بدلا من (هو) بدل ظاهر من مضمر. الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو عالم، وحسن حذفه توالي اللفظ ب:{هُوَ} مرتين. الثالث: أن يكون خبرا ثانيا، لقوله:{هُوَ} الأول. الرابع: أن يكون صفة للضمير قبله، وذلك عند الكسائي، فإنه يجيز وصف الضمير الغائب بصفة مدح، فهو يشترط هذين الشرطين: أن يكون غائبا، وأن تكون الصفة صفة مدح، و {عالِمُ} مضاف، و {الْغَيْبِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، {وَالشَّهادَةِ:} معطوف على ما قبله. {هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ:} مبتدأ، وخبران له. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، واعتبارها بدلا من سابقتها، لا بأس به.
الشرح:{هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ:} هو بكسر اللام: الذي يستغني في ذاته، وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود. وقيل: من إذا شاء ملك، وإذا شاء أهلك.
{الْقُدُّوسُ} بضم القاف، وقد تفتح، وهو قليل، وهو من أبنية المبالغة، ومعناه: المنزه عن كل نقص، والطاهر عن كل عيب. وقيل: هو من: تقدس عن الحاجات ذاته، وتنزه عن الافات صفاته، وحظ العبد منه التنزه عما يشينه في أمر دينه، ودنياه وآخرته. وهو من أسماء الله الحسنى، وكل فعّول مفتوح غير قدوس، وسبوح، وذروح، وفروج، فبالضم، ويفتحن ولم يذكر هذا الاسم إلا في هذه السورة وفي سورة الجمعة.
{السَّلامُ:} قيل: هو الذي سلمت ذاته عن الحدوث والعيب، وصفاته عن النقص، وأفعاله عن الشر المحض، فيرجع إلى معنى التنزيه. وقيل: معناه: المسلم على عباده في الجنة. فيرجع إلى الكلام القديم. وقيل: معناه: المسلم عباده من المعاطب، والمهالك. فيرجع إلى القدرة.
وقيل: غير ذلك. وحظ العبد منه بالمعنى الأول: أن ينزه نفسه عن كل لهو، ولسانه عن كل لغو، وقلبه عن كل غير، ويأتي ربه بقلب سليم. وبالمعنى الثاني: إفشاء السّلام. وبالمعنى الثالث: دفع المضار عن الناس.
{الْمُؤْمِنُ} أي: المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم. ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب. ومصدق الكافرين، والفاسدين المفسدين ما أوعدهم من العقاب. وقيل: إنه مأخوذ من الأمن، وهو المؤمن عباده من المخاوف، كما قال تعالى:{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} فهو مؤمن. قال النابغة الذبياني في معلقته رقم [٣٨]: [البسيط]