للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)}

الشرح: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا} أي: يربّى، ويشب. والنشوء: التربية؛ يقال: نشأت في بني فلان نشئا، ونشوآ: إذا شببت فيهم. {فِي الْحِلْيَةِ} أي: في الزينة. {وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} أي:

وهو في الجدال، والمخاصمة غير مظهر لضعف رأيه، وسقم تفكيره، والمعنى: أنّ الأنثى إذا خاصمت، أو تكلّمت؛ لم تقدر أن تبين حجتها لنقص عقلها، وقلّما تجد امرأة إلا تفسد الكلام، وتخلط المعاني، فكيف ينسب لله من يتصف بهذه النقائص. وقال ابن كثير: فالأنثى ناقصة الظاهر، والباطن في الصورة، والمعنى، فيكمل نقص ظاهرها بلبس الحلي؛ ليجبر ما فيها من نقص، كما قال بعض الشّعراء: [الطويل]

وما الحلي إلاّ زينة من نقيصة... يتمّم من حسن إذا الحسن قصّرا

وأمّا إذا كان الجمال موفّرا... كحسنك لم يحتج إلى أن يزوّرا

وأمّا نقص معناها؛ فإنّها ضعيفة عاجزة عن الانتصار، كما قال بعض العرب، وقد بشر ببنت: «والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرّها سرقة». قال مقاتل: لا تتكلّم المرأة إلاّ وتأتي الحجة عليها، وفيه: أنّه جعل النشأة في الزينة، والنعومة من المعايب، والمذام، وأنّه من صفات ربات الحجال، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك، ويأنف منه، ويربأ بنفسه عنه، ويعيش كما قال عمر-رضي الله عنه-: اخشوشنوا، واخشوشبوا، وتمعددوا. وإن أراد أن يزين نفسه زينها من باطن بلباس التقوى. هذا؛ وقد جمع كفرة العرب في كفرهم ثلاث كفرات، وذلك: أنهم نسبوا إلى الله الولد، ونسبوا إليه أخس النوعين، وجعلوه من الملائكة المكرمين، فاستخفوا بهم. انتهى. كشاف، ونسفي، وغيرهما.

وقيل: المنشأ في الحلية: أصنامهم؛ التي صاغوها من ذهب، وفضة، وحلوها. قاله ابن زيد، والضحاك، ويكون معنى: {وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} أي: ساكت عن الجواب. انتهى.

قرطبي. أقول: هذا قول ضعيف لا يعوّل عليه.

فائدة:

قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلاّ ثلاث: خديجة بنت خويلد، ومريم، وآسية امرأة فرعون». وللشعراء في وصف النساء بقلة العقل الشيء الكثير.

الإعراب: {أَوَمَنْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتوبيخ، وتقريع. الواو: حرف عطف.

(من): اسم موصول مبني على السكون وفيه وجهان: أحدهما: أنّه في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: وجعلوا، أو ويجعلون له من ينشأ في الحلية ولدا. والثاني: أنّه في محل رفع مبتدأ خبره محذوف. التقدير: أو الذي ينشأ في الحلية ولد لله؟! تعالى عن ذلك علوا

<<  <  ج: ص:  >  >>