للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير يؤيد ذلك، ويؤيده عطف (كثير) عليه في الآية رقم [٦٦] من سورة (المائدة)، وعطف (أكثرهم) عليه في الآية رقم [١١٠] من سورة (آل عمران)، وخذ قول الحماسي: [الكامل]

منهم ليوث لا ترام وبعضهم... ممّا قمشت وضمّ حبل الحاطب

حيث قابل لفظ «منهم» بما هو مبتدأ، أعني لفظة «بعضهم» وهذا مما يدل على أن مضمون «منهم» مبتدأ. هذا؛ وليوث: جمع: ليث، وهو السبع. لا ترام: لا تقصد. قمشت: جمعت من هنا، وهناك، والمراد: رذالة الناس. والقمش الرديء من كل شيء.

{وَأَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢)}

الشرح: {وَأَنّا ظَنَنّا:} قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: الظن بمعنى العلم، واليقين بخلافه في الآية رقم [٥] ورقم [٧]. وقال الجمل: أي: علمنا، وتيقنا بالتفكر والاستدلال في آيات الله أنا في قبضة الملك، وسلطانه لن نفوته بهرب، ولا غيره. انتهى. {أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ:}

والمعنى: تيقنا، وتأكدنا أننا لن نعجز الله، ولن نفوته أينما كنا سواء في الأرض، أو حاولنا الهرب إلى السماء، فإن الله قادر على عذابنا؛ إن عصيناه أينما كنا، وأينما ذهبنا.

الإعراب: {وَأَنّا:} الواو: حرف عطف. (أنّ): حرف مشبه بالفعل. و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {ظَنَنّا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، والمصدر المؤول منها، ومن اسمها، وخبرها في محل رفع معطوف على مثله في الآية رقم [١]، وعلى قراءة كسر الهمزة فالجملة الاسمية معطوفة على: {إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً} فهي مثلها في محل نصب مقول القول. {أَنْ:} مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه. {لَنْ:} حرف نفي، ونصب، واستقبال. {نُعْجِزَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: {لَنْ} والفاعل مستتر فيه تقديره: «نحن». {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، التقدير: كائنين في الأرض، والجملة الفعلية: {لَنْ نُعْجِزَ..}. إلخ في محل رفع خبر (أن) المخففة من الثقيلة، وهي واسمها المحذوف وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي {ظَنَنّا،} وجملة: {وَلَنْ نُعْجِزَهُ} معطوفة على ما قبلها فهي في محل رفع مثلها. {هَرَباً:} حال من الفاعل المستتر، فهو مصدر بمعنى: هاربين.

{وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣)}

الشرح: {وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدى} أي: القرآن. {آمَنّا بِهِ:} صدقنا به، وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم.

{فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ:} وينفذ لأوامره، وينزجر عن معاصيه، وزواجره. {فَلا يَخافُ بَخْساً:} نقصا من حسناته، {وَلا رَهَقاً:} ظلما بالزيادة في سيئاته. وانظر {رَهَقاً} في الآية رقم [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>