{ما}: موصولة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعده صلته، والعائد: محذوف، التقدير: لتعلم الذي نريده، هذا؛ وجوز اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: لتعلم إرادتنا، وأضيف: أنه سوغ اعتبار {ما} استفهامية مفعولا به مقدما، معلقة للفعل (تعلم) عن العمل، والجملة الفعلية في محل نصب مفعوله، وجملة:{لَتَعْلَمُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية (إنك...) إلخ في محل نصب حال من ضمير المخاطب، والرابط: الواو، والضمير.
الشرح:{قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً}: قاله لوط لما رأى استمرار قومه في غيهم، ولم يقدر على دفعهم؛ قال ذلك على جهة التحسر، والتلهف متمنيا أن يكون له أنصار، وأعوان يدفعون عنه شر هؤلاء الفجرة الكفرة. {أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ}: أو ألجأ وأنضوي إلى عشيرة تمنعني منكم، فقد شبه العشيرة القوية التي تذود عن حمى أفرادها بالركن الشديد، وهو ناحية الجبل.
هذا؛ ويقرأ بنصب {آوِي} ورفعه، وانظر الآية رقم [٤٣].
تنبيه: يروى: أن الملائكة وجدت على لوط عليه السّلام حين قال هذه الكلمات، وقالوا:
إن ركنك لشديد، وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يرحم الله أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد». ولما قال لوط هذه المقالة لم يبعث الله بعده نبيا إلا وقواه بالركن الشديد، أي: جعل له عشيرة تحميه.
وإنما قال لوط عليه السّلام هذه المقالة؛ لأنه لم يكن من قومه نسبا، بل كان غريبا فيهم؛ لأنه كان أولا بالعراق مع إبراهيم عليهما السّلام، فلما هاجرا إلى الشام أرسله إلى أهل سدوم وعامورة، وأما قوله تعالى في سورة (الشعراء): {إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ..}. إلخ إنما أراد بذلك أخوة البلد والإقامة لا في الدين ولا في النسب؛ لأنه أقام بينهم مدة مديدة وسنين عديدة، وتزوج منهم، وأنجب أولادا من نسائهم، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{قالَ}: ماض، وفاعله مستتر يعود إلى لوط. {لَوْ}: حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {أَنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {لِي}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف رفع خبر {أَنَّ} تقدم على اسمها. {بِكُمْ}: متعلقان بالخبر المحذوف، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في متعلق {لِي} وجوز اعتبارهما متعلقين بمحذوف حال من {قُوَّةً،} كان صفة له... إلخ.
{قُوَّةً}: اسم {أَنَّ} مؤخر. {أَوْ}: حرف عطف. {آوِي}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والفاعل مستتر تقديره:«أنا»، والجملة الفعلية معطوفة على خبر:{أَنَّ} في المعنى، التقدير: أو أني آوي!، هذا؛ ويجوز أن يكون معطوفا على {قُوَّةً} نفسها؛ لأنه