للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة التكاثر]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (التكاثر) مكية في قول جميع المفسرين. وروى البخاري: أنها مدنية، وهي ثمان آيات، وست وثلاثون كلمة، ومئة واثنان وخمسون حرفا. انتهى. خازن.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢)}

الشرح: مناسبة السورة لما قبلها: أنه لما ذكر أهوال القيامة؛ ذم اللاهين والمشتغلين عنها، فقال: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ}. انتهى. جمل، ومعنى {أَلْهاكُمُ} شغلكم أيها الناس التفاخر بالأموال، والأولاد، والرجال عن طاعة الله، وعن الاستعداد للآخرة؛ حتى متم، ودفنتم في المقابر. هذا؛ وقال الزمخشري: وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: «(أألهاكم)» على الاستفهام؛ الذي معناه التقرير.

قال ابن بريدة-رضي الله عنه-: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار: بني حارثة، وبني الحارث، تفاخروا، وتكاثروا، فقالت إحداهما: فيكم مثل فلان بن فلان، وفلان. وقال الآخرون: مثل ذلك. تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان (يشيرون إلى القبور) ومثل فلان. وفعل الآخرون مثل ذلك، فأنزل الله الآية، وما بعدها، وهذا يعني: أن السورة مدنية.

وقال الزمخشري: روي: أن بني عبد مناف، وبني سهم تفاخروا أيهم أكثر عددا، فكثرتهم بنو عبد مناف، فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادونا بالأحياء، والأموات، فكثرهم بنو سهم، وهذا يعني: أن السورة مكية.

والمعنى: ألهاكم التكاثر بالأموال، والأولاد، والتفاخر بالرجال إلى أن متم، وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا، والاستباق إليها، والتهالك عليها، إلى أن أتاكم الموت لا همّ لكم غير ذلك عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم، والعمل لآخرتكم. وزيارة القبور كناية عن الموت. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-الآية تعم جميع ما ذكر، وغيره. وخذ ما يلي:

عن عبد الله بن الشخير-رضي الله عنه-قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ..}. إلخ فقال: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟». رواه مسلم، والترمذي، والنسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>