للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تجدني): فعل مضارع، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به أول، والفاعل تقديره: «أنت».

{إِنْ:} حرف شرط جازم. {شاءَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط.

{اللهُ:} فاعله، ومفعوله محذوف يدل عليه المقام، والجملة الفعلية لا محل لها، وجواب الشرط محذوف، التقدير: إن شاء الله توفيقي، ومعونتي؛ فستجدني. والجملة الشرطية معترضة بين الفعل (تجد) وبين الجار والمجرور: {مِنَ الصّابِرِينَ} اللذين هما متعلقان به، وهما مفعوله الثاني. هذا؛ والكلام: {يا أَبَتِ افْعَلْ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة:

{قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{فَلَمّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)}

الشرح: {فَلَمّا أَسْلَما:} استسلما لأمر الله، أو سلم الذبيح نفسه، وإبراهيم سلم ابنه، وهو من: سلم هذا لفلان إذا خلص له، فإنه سلم من أن ينازع فيه. هذا؛ وقرئ: «(سلّما)» أي: فوضا أمرهما إلى الله. {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي: صرعه، وأسقطه على شقه. وقال قتادة: كبه وحول وجهه إلى القبلة. وقيل: صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه، ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أضجعه على جبينه على الأرض: فلما فعل ذلك، قال له ابنه: اشدد رباطي كيلا أضطرب، واكفف عني ثيابي؛ حتى لا ينتضح عليها شيء من دمي، فينقص أجري، وتراه أمي فتحزن، واستحد شفرتك، وأسرع مر السكين على حلقي، ليكون أهون عليّ، فإن الموت شديد، وإذا أتيت أمي، فاقرأ عليهاالسّلام مني، وإن رأيت أن ترد قميصي على أمي؛ فافعل، فإنه عسى أن يكون أسلى لها عني. فقال إبراهيم عليه السّلام: نعم العون أنت يا بني على أمر الله! ففعل إبراهيم ما طلبه منه ابنه، ثم أقبل عليه يقبله، وهو يبكي؛ وقد ربطه، والابن يبكي، ثم إنه وضع السكين على حلقه، فلم تقطع شيئا، ثم إنه حدها مرتين، أو ثلاثا بالحجر، كل ذلك لا يستطيع أن يقطع شيئا.

فقال الابن عند ذلك: يا أبت كبّني لوجهي، فإنك إذا نظرت وجهي؛ رحمتني، وأدركتك رقة تحول بينك وبين أمر الله تعالى، وأنا لا أنظر إلى الشفرة، فأجزع منها، ففعل إبراهيم عليه الصلاة والسّلام ذلك، ثم وضع السكين، على قفاه، فانقلبت، ونودي: {يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}.

هذا؛ وروى كعب الأحبار، وابن إسحاق عن رجال قالوا: لما رأى إبراهيم عليه الصلاة والسّلام ذبح ابنه؛ قال الشيطان: لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم، لا أفتن منهم أحدا أبدا، فتمثل الشيطان في صورة رجل، وأتى أم الغلام، فقال لها. هل تدرين أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: ذهب به ليحتطبا من هذا الشّعب. قال: لا والله ما ذهب به إلا ليذبحه. قالت: كلا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>