للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ اِزْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧)}

الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت الآية الكريمة في اليهود آمنوا بموسى.

{ثُمَّ كَفَرُوا} بعبادتهم العجل. {ثُمَّ آمَنُوا} بعد ذلك، {ثُمَّ كَفَرُوا} بعيسى، والإنجيل، {ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً} بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: نزلت في المنافقين وذلك: أنّهم كفروا بعد الإيمان، {ثُمَّ آمَنُوا} يعني: بألسنتهم، وهو إظهارهم الإيمان؛ لتجري عليهم أحكام المؤمنين، {ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً} بموتهم على الكفر. والمعتمد الأوّل.

{لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} ذنوبهم إذا أقاموا على الكفر، وماتوا عليه؛ لأنّ الله تعالى أخبر: أنّه يغفر الكفر؛ إذا تاب منه بقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ} يعني:

من كفرهم، الآية رقم [٣٨] من سورة (الأنفال). {وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً:} طريقا إلى الجنة. وقيل:

لا يخصّهم بالتوفيق كما يخصّ أولياءه، وفي هذه الآية ردّ على أهل القدر، والمعتزلة بأنّ الله تعالى بيّن: أنّه لا يهدي الكافرين طريق خير؛ ليعلم العبد: أنّه إنّما ينال الهدى بالله تعالى، ويحرم الهدى بإرادة الله تعالى أيضا.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبّه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم: {إِنَّ}. {آمَنُوا:} فعل ماض مبني على فتح مقدّر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالضم الذي جيء به لمناسبة واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها، والجمل بعدها معطوفة عليها. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُنِ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍ {لَمْ}.

{اللهُ:} اسمه. {لِيَغْفِرَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» المضمرة بعد لام الجحود، والمصدر المؤول منهما في محل جر بلام الجحود، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر: {يَكُنِ} التقدير: لم يكن الله مريدا لغفران ذنوبهم. والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {إِنَّ}. {لَهُمْ:}

جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): زائدة لتأكيد النفي. {لِيَهْدِيَهُمْ:} مثل إعراب ما قبله، والجار والمجرور بعد التأويل معطوفان على ما قبلها. {سَبِيلاً:} مفعول به ثان.

{بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨)}

الشرح: {بَشِّرِ:} أمر من البشارة، وهي الإخبار بما يسرّ المخبر به، سمّي بشارة؛ لأنّ الخبر السار يظهر سرورا في البشرة؛ أي: ظاهر الجلد. والإنذار: الخبر الشاقّ على النّفس، ففي

<<  <  ج: ص:  >  >>