تنبيه: روي: أن ناسا من هوازن، جاءوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأعلنوا إسلامهم، وقالوا:
يا رسول الله! أنت خير الناس وأبرهم، وقد سبي أولادنا وأهلونا، وأخذت أموالنا-وكان قد سبي يومئذ ستة آلاف نفس، وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى-فقال صلّى الله عليه وسلّم:«اختاروا إما سباياكم، وإما أموالكم». فقالوا: ما كنا نعدل بالأحساب شيئا، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال:
«إن هؤلاء جاءوا مسلمين، وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئا، فمن كان بيده سبي، وطابت نفسه أن يرده، فشأنه، ومن لا؛ فليعطنا، وليكن قرضا علينا، حتى نصيب شيئا، فنعطيه مكانه». فقالوا: رضينا، وسلمنا، فقال:«إني لا أدري لعل فيكم من لا يرضى، فمروا عرفاءكم، فليرفعوا إلينا». فرفعوا: أنهم قد رضوا، وأتت النبي صلّى الله عليه وسلّم أخته الشيماء من الرضاعة، وهي بنت حليمة السعدية-رضي الله عنها التي أرضعته صلّى الله عليه وسلّم-فأكرمها وأحسن وفادتها».
الإعراب:{ثُمَّ}: حرف عطف، عطفت جملة:{يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ} على ما قبلها من جمل، و {بَعْدِ}: مضاف، و {ذلِكَ}: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد والكاف حرف خطاب لا محل له. {عَلى مَنْ}: جار ومجرور متعلقان بالفعل يتوب، و {مِنْ} تحتمل الموصولة، والموصوفة فهي مبنية على السكون في محل جر ب {عَلى} والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، العائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: على الذي، أو على شخص يشاؤه، والجملة الاسمية:{وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: خصّ الله المؤمنين بهذا النداء، ليتنبهوا للمشركين، ولما وصفهم الله به. {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}: فهذا يعم جميع الكفار من مشركين، ويهود ونصارى، وهذه النجاسة هي نجاسة الباطن، أي: العقيدة، أو لأنه يجب أن يجتنبوا كما يجتنب النجس، أو لأنهم لا يتطهرون، ولا يتجنبون النجاسات، فهم ملابسون لها غالبا، أو لأنهم يجنبون ولا يغتسلون.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن أعيانهم نجسة كالكلاب، وبه أخذ الشيعة، لذا فإذا شرب كافر، أو أكل في وعائهم، فيكسرونه، فلا يطهر بالغسل، وأما أهل السنة، فقد قالوا بالقول الأول، وحبس ثمامة في المسجد قبل أن يسلم يدحض قول الشيعة، ويؤيد أهل السنة، هذا؛ وقرئ:{نَجَسٌ} بفتح النون والجيم، كما قرئ بكسر النون وسكون الجيم، وهو يوصف به