للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه. والمعنى على قول الأخفش: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده في الحياة الدنيا. وعلى قول غيره. قل: من حرم في الحياة الدنيا زينة الله؛ التي أخرج لعباده. انتهى. {كَذلِكَ} الكاف: حرف تشبيه، وجر. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله الفعل الذي بعده، وتقدير الكلام: «نفصل الآيات تفصيلا كائنا مثل ذلك التفصيل». {نُفَصِّلُ:} مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». وانظر (نا) في الآية رقم [٧]. {الْآياتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لِقَوْمٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية: {يَعْلَمُونَ} في محل جر صفة (قوم) والمفعول محذوف، التقدير: لقوم يعلمون ذلك، وهو من المعرفة لا العلم. وانظر الآية رقم [٦٠] من سورة (الأنفال). والجملة الفعلية: {كَذلِكَ نُفَصِّلُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣)}

الشرح: {قُلْ:} هو مثل سابقه. {حَرَّمَ:} انظر الآية رقم [١٤٥] (الأنعام) {رَبِّيَ:} انظر الآية رقم [٣]. {الْفَواحِشَ:} كبائر الذنوب، أو الزنى خاصة. {ما ظَهَرَ مِنْها:} ما يطلع عليه الناس منها. {وَما بَطَنَ:} الذي لم يطلع عليه أحد إلا الله تعالى. {وَالْإِثْمَ:} المعاصي، والمنكرات على جميع أنواعها، واختلاف درجاتها، فيكون من عطف العام على الخاص.

وقيل: الإثم صغائر الذنوب، فيكون من عطف الخاص على العام. هذا؛ وقد قيل: الإثم: اسم من أسماء الخمرة، وهو قول الحسن، وعطاء. قال الجوهري: وقد تسمى الخمر إثما، واستدل عليه بقول بعض الجاهليين: [الوافر]

شربت الإثم حتّى ضلّ عقلي... كذاك الإثم يذهب بالعقول

وقال ابن سيده صاحب المحكم: وعندي: أن تسمية الخمر بالإثم صحيح؛ لأن شربها إثم.

وأنكر أبو بكر بن الأنباري تسمية الخمر بالإثم، قال: لأن العرب ما سمته إثما قط في جاهلية، ولا في إسلام، ولكن قد يكون الخمر داخلا تحت الإثم، لقوله تعالى: {قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ}. انتهى خازن. {وَالْبَغْيَ:} انظر الآية رقم [١٤٦] الأنعام {الْحَقِّ:} خلاف الباطل.

قال الراغب: أصل (الحق) المطابقة، والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقه لدورانه على الاستقامة، و (الحق) يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى:

هو الحق، وللموجود بحسب مقتضى الحكمة، ولذلك يقال: فعل الله تعالى كله حق، نحو الموت، والرزق، والحساب... إلخ، وللاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في

<<  <  ج: ص:  >  >>