للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩)}

الشرح: {وَما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} أي: أيّ شيء يمنعكم من أكل الذي ذكر اسم الله عليه؟! فأرى: أن في الكلام توبيخا. {اِسْمُ اللهِ:} انظر الإحالة في الآية السابقة.

{فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ:} بين لكم المحرم عليكم، والمحلل لكم، وذلك فيما ذكره في الآية رقم [٥/ ٣]. {إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ:} ألجأتكم الضرورة إلى أكله، وقد ذكر في الآية المذكورة، والمحال عليها أيضا برقم [٢/ ١٧٣]. {وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ:} يخرجون عن جادة الحق والصواب بتحليل الحرام، وتحريم الحلال. هذا؛ ويقرأ الفعل بفتح ياء المضارعة، وضمها، كما يقرأ «فصل» و «حرم» بالبناء للمفعول، وللفاعل. {بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ،} بما تهواه أنفسهم من تحليل الميتة وغيرها، وتحريم البحيرة، وغيرها، وذلك من غير علم علموه. هذا؛ و (أهوائهم) جمع: هوى. وما أجدرك أن تنظر الآية رقم [٤/ ١٣٥] فإنه جيد جدا. {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} أي: بالمتجاوزين الحق إلى الباطل، والحلال إلى الحرام، وبالعكس فيهما.

{رَبَّكَ:} انظر الآية رقم [١] من سورة (الفاتحة)، وانظر شرح: {بِغَيْرِ} فيها أيضا، وانظر شرح (الحرام) في الآية رقم [٥/ ٢].

تنبيه: في إحالة التفصيل فيما حرم الله على آية (المائدة) إشكال أورده فخر الدين الرازي -رحمه الله تعالى-وحاصله: أن سورة (الأنعام) مكية، وسورة (المائدة) مدنية من آخر القرآن نزولا بالمدينة، وقوله: {وَقَدْ فَصَّلَ..}. إلخ يقتضي: أن ذلك التفصيل قد تقدم على هذا المحل، والمدني متأخر عن المكي، فيمتنع كونها متقدمة، ثم قال: بل الأولى أن يقال: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ..}. إلخ، أي في قوله بعد هذه الآية في هذه السورة: {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً..}.

إلخ الآية الآتية رقم [١٤٥] وهذه وإن كانت مذكورة بعدها بقليل، إلا أن هذا القدر من التأخر، لا يمنع أن يكون هو المراد.

قال كاتبه: وقد ذكر المفسرون وجها آخر، وهو: أن الله علم: أن سورة (المائدة) متقدمة على سورة (الأنعام) في الترتيب، لا في النزول، فبهذا الاعتبار حسنت الحوالة على ما في (المائدة) بقوله: {وَقَدْ فَصَّلَ..}. إلخ باعتبار تقدمه في الترتيب، وإن كان متأخرا في النزول، والله أعلم بمراده. انتهى جمل نقلا من الخازن بتصرف كبير.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. {ما:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ:} متعلقان بمحذوف في محل رفع خبره. {أَلاّ:} (أن): حرف

<<  <  ج: ص:  >  >>