{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} سورة (الدخان)، وهي مكية بالإجماع إلاّ قوله تعالى:{إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ} وهي سبع. وقيل: تسع وخمسون آية، وثلاثمئة وست وأربعون كلمة، وألف وأربعمئة وواحد وثلاثون حرفا. انتهى. خازن، وسميت سورة (الدخان) لأنّ الله تعالى جعله آية لتخويف الكفار؛ حيث أصيبوا بالقحط والمجاعة بسبب تكذيبهم لرسول الله، وبعث الله عليهم الدخان؛ حتى كادوا يهلكون، ثم نجاهم الله ببركة دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال تعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ}.
هذا؛ وقد ورد في فضلها، والحثّ على قراءتها، ولا سيما في ليلة الجمعة أحاديث كثيرة، منها ما يلي: عن أبي رافع-رضي الله عنه-قال:«من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له، وزوّج من الحور العين»، رواه الدارمي، ورفعه الثعلبي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له». وفي لفظ له آخر عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من قرأ الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك». وعن أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه-قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة، أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة». انتهى. قرطبي.
الشرح:{إِنّا أَنْزَلْناهُ} أي: أنزلنا القرآن. {فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ:} في ليلة القدر، ابتدئ فيها إنزال القرآن، وأنزل فيها من اللوح المحفوظ جملة إلى سماء الدنيا، ووضع في مكان اسمه بيت العزة، ثم أنزله الله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم في الليالي، والأيام في ثلاث وعشرين سنة، وبركتها لذلك، فإن نزول القرآن سبب للمنافع الدينية، والدنيوية، ولما فيها من نزول الملائكة، والرحمة، وإجابة الدعوة، وقسم النعمة، وفصل الأقضية. ومعنى إنزاله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا: أنّ