التقدير: بكسبها. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لا:} نافية. {يُظْلَمُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من:
{كُلُّ نَفْسٍ،} والرابط: الواو، والضمير. وجمع الضمير؛ لأن معنى {كُلُّ} الجمع، والتعميم.
الشرح:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه؛ لأنه لا يؤمن بالله، ولا يخافه، ولا يحرم ما حرم الله. وقال سعيد بن جبير-رضي الله عنهما-: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه؛ رمى به، وعبد الآخر، وهذا ذكره السيوطي في أسباب النزول. وقيل: المعنى: أفرأيت من ينقاد لهواه، ومعبوده تعجيبا لذوي العقول من هذا الجهل. أو المعنى: أخبرني يا محمد عن حال من ترك عبادة الله، وعبد هواه.
وقال الشعبي: إنما سمي الهوى هوى؛ لأنه يهوي بصاحبه إلى النار. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ما ذكر الله هوى في القرآن إلاّ ذمّه، وذكر آيات كثيرة. وقال عبد الله بن عمرو-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعا لما جئت به».
وقال أبو أمامة-رضي الله عنه-: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من الهوى». وقال شداد بن أوس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله». وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«إذا رأيت شحّا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه؛ فعليك بخاصّة نفسك، ودع عنك أمر العامّة». من حديث طويل أخرجه ابن ماجه، والترمذي عن أبي أمية الشيباني، عن أبي ثعلبة الخشني-رضي الله عنهم أجمعين-. وقال أنس بن مالك-رضي الله عنه-من حديث طويل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«وثلاث مهلكات: شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه». رواه البيهقي، وغيره، وقال الأصمعي سمعت رجلا يقول:[الكامل]
إنّ الهوان هو الهوى قلب اسمه... فإذا هويت فقد لقيت هوانا
وسئل ابن المقفع عن الهوى، فقال: هوان سرقت نونه، فأخذه شاعر فنظمه فقال:[الكامل] نون الهوان من الهوى مسروقة... فإذا هويت فقد لقيت هوانا