للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بكسر الجيم: الاجتهاد، والمثابرة على العمل، وضد الهزل أيضا، والجد بفتح الجيم:

الحظ، والبخت ضد النحس. {مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً:} زوجة. {وَلا وَلَداً:} كما يقول كفار الجن، والإنس. ومعنى الآية: تنزه جلال ربنا، وعظمته، وكبرياؤه أن يتخذ صاحبة وولدا للاستئناس بهما، والحاجة إليهما، والله منزه عن كل نقص.

تنبيه: يقرأ في هذه السورة، وما يعطف عليها إلى آخر السورة بفتح همزة (أنّ) عطفا على المصدر المؤول بقوله تعالى: {أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ} ليكون المعطوف في محل رفع مثله، ويقرأ بكسر الهمزة عطفا على قوله تعالى: {إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً} ليكون المعطوف في محل نصب مقول القول مثله، ولا خلاف في كسر ما بعد القول، مثل قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ}.

الإعراب: {وَأَنَّهُ:} الواو: حرف عطف. (أنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها.

{تَعالى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، وهو متصرف. {جَدُّ:} فاعله، وهو مضاف، و {رَبِّنا} مضاف إليه، و (نا) في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، والكلام معطوف على ما قبله على الاعتبارين اللذين ذكرتهما لك. {مَا:} نافية. {اِتَّخَذَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {رَبِّنا}.

{صاحِبَةً:} مفعول به. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): صلة لتأكيد النفي. {وَلَداً:} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {رَبِّنا} وساغ مجيء الحال من المضاف إليه؛ لأن المضاف كجزئه، وهو سائغ، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-: [الرجز]

ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله

أو كان جزء ما له أضيفا... أو مثل جزئه فلا تحيفا

هذا؛ وقيل: إن جملة: {مَا اتَّخَذَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، و (إن) جملة {تَعالى جَدُّ رَبِّنا} معترضة بين اسم أن وخبرها، ولا بأس به، فهو في قوة الأول. هذا؛ وقيل: في الجملة المعترضة استعارة تصريحية، ولا أرى له وجها صحيحا.

{وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤)}

الشرح: {وَأَنَّهُ:} الحال، والشأن. {كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا:} جاهلنا، قيل: هو إبليس في قول مجاهد، وابن جريج، وقتادة. ورواه أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقيل:

المشركون من الجن. قال قتادة: عصاه سفيه الجن، كما عصاه سفيه الإنس. هذا؛ والشطط والاشتطاط: الغلو في الكفر، وهو الجور، أو الكذب، وأصله: البعد، فيعبر به عن الجور لبعده عن العدل، وعن الكذب لبعده عن الصدق. قال الشاعر: [الطويل]

بأيّة حال حكّموا فيك فاشتطّوا... وما ذاك إلاّ حيث يمّمك الوخط

<<  <  ج: ص:  >  >>