للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: قال أكثر المفسرين: نزلت الآية في القدرية. قال ابن سيرين: إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية؛ فلا أدري فيمن نزلت؟! وقال أبو قبيل: لا أحسب المكذبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا. وقال عقبة بن عامر-رضي الله عنه-: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نزلت هذه الآية في القدرية». ذكره المهدوي. انتهى. قرطبي. وهل وجدت طائفة القدرية في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ وهذا مما يضعف هذا الحديث، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بدلا من الموصول قبله، أو عطف بيان عليه، أو نعتا له، أو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين، أو هو في محل نصب على الذم بفعل محذوف، وعلى هذه الأوجه فجملة: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} مستأنفة سيقت للتمهيد، ويجوز أن يكون الموصول في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية في محل رفع خبره، ودخلت الفاء في خبره؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، وجملة: {كَذَّبُوا بِالْكِتابِ} صلة الموصول، لا محل لها. {وَبِما:} جار ومجرور معطوفان على قوله: {بِالْكِتابِ} و (ما):

اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل. {بِهِ:} متعلقان بما قبلهما. {أَرْسَلْنا:} مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. (سوف): حرف تسويف واستقبال، وهي للتأكيد. {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف للتعميم، وانظر محل الجملة فيما سبق.

{إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢)}

الشرح: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ:} ف‍: {إِذِ} بمعنى: «إذا» وهذا جواب عن اعتراض، حاصله: أن (سوف) للاستقبال، و {إِذِ} للماضي، فهو مثل قولك: سوف أصوم أمس. ومحصل الجواب أن {إِذِ} هنا مستعملة في الاستقبال، مكان: «إذا»، وسوغ استعمالها أن هذا لما كان من أخبار الله تعالى، وهي مقطوع بوقوعها، فكأنها وقعت، فعبر فيها بما هو للماضي مع كون المعنى على الاستقبال، واستعمال {إِذِ} بمعنى: إذا هنا نظير عكسه في قوله تعالى في سورة (الجمعة):

{وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً..}. إلخ انتهى. من الخطيب. وهذا على اعتبار {إِذِ} ظرفا متعلقة بالفعل السابق، وأجاز السمين اعتباره مفعولا له. كما جوز أن تكون منصوبة ب‍: اذكر مقدرا؛ أي: اذكر لهم وقت {الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} ليخافوا وينزجروا، فهذه ثلاثة أوجه، خيرها أوسطها. انتهى.

جمل بتصرف. هذا؛ و {الْأَغْلالُ} جمع غل، يقال: في رقبته غل من حديد، ومنه قيل للمرأة السيئة الخلق: غل قمل، وأصله: أن الغل كان يتخذ من جلد، وعليه شعر، فيقمل، والغل والغلة: حرارة العطش، وكل ذلك بضم الغين، وهو بكسرها بمعنى: الحقد، ورحم الله من يقول: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>