الإعراب:{أَوْ:} حرف عطف. {يُزَوِّجُهُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والهاء مفعول به. {ذُكْراناً:} حال من الضمير. وقيل: مفعول ثان، ولا وجه له. {وَإِناثاً:} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {وَيَجْعَلُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا. {مَنْ:} مفعول به أول، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يجعل الذي، أو شخصا يشاؤه. {عَقِيماً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، والجملة الاسمية:{إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} تعليل للكلام السابق لا محلّ لها.
الشرح: سبب نزول الآية: أنّ اليهود قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ألا تكلم الله، وتنظر إليه؛ إن كنت نبيا، كما كلّمه موسى عليه السّلام، ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
إنّ موسى لم ينظر إليه، فنزل قوله:{وَما كانَ لِبَشَرٍ..}. إلخ ذكره النقاش، والواحدي والثعلبي.
{وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ} أي: ما صح، وهذا التعبير و {وَما يَنْبَغِي} ونحوهما معناه:
الحظر، والمنع، فتجيء لحظر الشيء، والحكم بأنه لا يجوز، كما في هذه الآية، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا، كقوله تعالى في سورة (النمل): {ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها} رقم [٦٠] وربما كان العلم بامتناعه شرعا، كقوله تعالى في هذه السورة، ومثلها في (آل عمران) رقم [٧٩]: {ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} وربما كان في المندوبات، كما تقول: ما كان لك يا فلان أن تترك صلاة الصبح والعشاء في الجماعة ونحو ذلك.
{إِلاّ وَحْياً:} قال مجاهد: نفث ينفث في قلبه، فيكون إلهاما، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم:«إنّ روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، وأجلها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب خذوا ما حلّ، ودعوا ما حرم». وانظر شرح (الوحي) في الآية رقم [٦٥] من سورة (الزمر). {أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ:} كما كلم موسى. {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً:} كإرساله جبريل عليه السّلام إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم وإلى غيره من الرسل. {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ:} وهذا الوحي من الرسل خطاب منهم للأنبياء يسمعونه نطقا، ويرونه عيانا، وهكذا كانت حال جبريل عليه السّلام إذا نزل بالوحي على النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزل جبريل-عليه السّلام-على كل نبي، فلم يره منهم إلاّ محمد، وعيسى، وموسى، وزكريا، عليهم السّلام، فأما غيرهم فكان وحيا إلهاما في المنام.