للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {بِرَبِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (رب) مضاف، و {الْعالَمِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، وهذه الإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢)}

الشرح: {وَما أَضَلَّنا:} عن طريق الهدى، والحق. {إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} أي: من دعاهم إلى عبادة الأوثان من الجن، والإنس. وقيل: المراد: الأولون الذين اقتدينا بهم، وقيل: المراد:

إبليس، وابن آدم الأول، وهو قابيل، وهو أول من سن القتل، وأنواع المعاصي. وهذا بعيد جدا.

{فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ} أي: من يشفع لنا، كما للمؤمنين شافعون من الملائكة والأنبياء. {وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ:} كما نرى للمؤمنين أصدقاء؛ إذ لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون، وأما أهل الكفر والمعاصي والفسوق والضلال فبينهم التعادي، قال تعالى في بيان ذلك: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} أو {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} من الذين كنا نعدهم شفعاء، وأصدقاء؛ لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم: أنهم شفعاؤهم عند الله. وكان لهم الأصدقاء من شياطين الإنس. والحميم من: الاحتمام، وهو الاهتمام الذي يهمه ما يهمك، أو من الحامة بمعنى الخاصة. ومن الجدير بالذكر أن الصديق سمي صديقا؛ لصدقه فيما يدعيه لك من المودة، والألفة، والمحبة، وسمي العدو عدوا؛ لعدوه عليك عند أول فرصة تسنح له للإيقاع بك، والقضاء عليك.

وجمع الشافع ووحّد الصديق لكثرة الشفعاء في العادة، وقلة الصديق، ولأن الصديق الواحد يسعى أكثر مما يسعى الشفعاء، أو لإطلاق الصديق على الجمع كالعدو؛ لأنه في الأصل مصدر، كالحنين، والصهيل، وانظر شرح {عَدُوٌّ} في الآية رقم [٧٧] فهو مثله. يستوي فيه المفرد، والمذكر، والمؤنث. {فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً} أي: رجعة إلى الدنيا. {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:} تمنوا حين لا ينفعهم التمني، وإنما قالوا ذلك حين شفع الملائكة، والمؤمنون.

فعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليقول في الجنّة:

ما فعل فلان وصديقه في الجحيم؟ فلا يزال يشفع له حتّى يشفّعه الله فيه فإذا نجا قال المشركون:

{فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ»}.

<<  <  ج: ص:  >  >>