للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاف، و {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محلّ له. {مُحْسِنِينَ:} خبر (كان) منصوب... إلخ، وجملة: {كانُوا..}. إلخ، في محل رفع خبر: {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّهُمْ..}. إلخ، تعليل لما أنعم الله به عليهم.

{كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)}

الشرح: {كانُوا} أي: المتقون، الذين استحقوا نعيم الجنة. {قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ} أي:

ينامون. يقال: هجع، يهجع هجوعا؛ أي: نام، ينام نوما. قال عمرو بن معدي كرب الزبيدي -رضي الله عنه-يتشوق أخته، وكان أسرها الصمة أبو دريد بن الصّمّة في الجاهلية: [الوافر] أمن ريحانة الدّاعي السّميع... يؤرّقني وأصحابي هجوع؟

هذا؛ وباب الفعل فتح يفتح، والهجعة النومة الخفيفة، ويقال: أتيت فلانا بعد هجعة؛ أي:

بعد نومة خفيفة، قال الشاعر: [السريع] قد حصّت البيضة رأسي فما... أطعم نوما غير تهجاع

أسعى على جلّ بني مالك... كلّ امرئ في شأنه ساع

واختلف في {ما} فقيل: صلة زائدة. قاله إبراهيم النخعي، والتقدير: كانوا قليلا من الليل يهجعون؛ أي: ينامون قليلا من الليل، ويصلّون أكثره. وقيل: ليست {ما} صلة، بل الوقف عند قوله: {قَلِيلاً} ثم يبتدئ بما بعدها. ف‍: {ما} للنفي، وهو نفي النوم عنهم البتة، وهذا يفيد: أنّ المعنى: كان عددهم يسيرا. وهو فاسد معنى؛ لأن الاية تدل على قلة نومهم، لا على قلة عددهم. وقيل: {ما} مصدرية، والتقدير: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، ونومهم.

{وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي: ربما مدّوا عبادتهم إلى وقت السحر، ثم أخذوا بالاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وقيل: يستغفرون من تقصيرهم في العبادة. وقيل: يستغفرون من ذلك القدر القليل الذي كانوا ينامونه من الليل.

{وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ:} الحق هنا: الزكاة المفروضة. وقيل: إنه حق سوى الزكاة، يصل به رحما، أو يقري به ضيفا، أو يحمل به كلاّ، أو يغني به محروما. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-؛ لأنّ السورة مكية، وفرضت الزكاة بالمدينة. والأقوى في هذه الاية:

أنها الزكاة، لقوله تعالى في سورة (المعارج): {وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} والحق المعلوم هو الزكاة؛ التي بيّن الشرع قدرها وجنسها، ووقتها، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم؛ لأنه غير مقدر، ولا مجنس، ولا موقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>