للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب الشرط عند الجمهور... إلخ. و ({يُكَفِّرُ}): فعل مضارع، وفاعله يعود إلى ({اللهُ}) فعلى قراءته بالجزم معطوف على جواب الشرط، وعلى قراءته بالرّفع، فهو مع فاعله في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فهو يكفر. أو: فنحن نكفر، والجملة الاسمية هذه مستأنفة لا محل لها وانظر ما أذكره في الآية رقم [٢٨٥] الآتية. {عَنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.

{مِنْ سَيِّئاتِكُمْ:} قيل: {مِنْ} زائد في الإيجاب، و {سَيِّئاتِكُمْ:} مفعول به، وهذا على مذهب الأخفش، وعند سيبويه المفعول محذوف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة له، التقدير: يكفر شيئا كائنا من سيئاتكم. وقيل: متعلقان بالفعل قبلهما على أن {مِنْ:} للتبعيض، والكاف في محل جر بالإضافة.

{وَاللهُ:} الواو: حرف استئناف. ({اللهُ}): مبتدأ. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍ {خَبِيرٌ} بعدهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. {تَعْمَلُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة صلة (ما)، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو: بشيء تعملونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤوّل مع الفعل بمصدر في محل جرّ بالباء، التقدير: بعملكم. {خَبِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:

({اللهُ..}.) إلخ مستأنفة، أو معترضة في آخر الكلام، الغرض منها الحثّ على الصّدقات، والتّرغيب في الإخلاص.

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ اِبْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢)}

الشرح: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ:} الخطاب للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، ويعمّ كلّ مسلم، والمعنى: لا يجب عليك أن تجعل الناس مؤمنين مهديين، وإنّما عليك الإرشاد، والنّصح بالمعروف، والحث على محاسن الأعمال، والنّهي عن القبائح. {وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ:} فهذا تصريح بأن الهداية من الله تعالى، يخصّ بها من يشاء من عباده، وفيه ردّ على القدريّة، وطوائف من المعتزلة كما تقدّم.

هذا وروى سعيد بن جبير-رضي الله عنه-مرسلا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في سبب نزول الآية الكريمة: أنّ المسلمين كانوا يتصدّقون على فقراء أهل الذمّة، فلمّا كثر فقراء المسلمين، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تتصدّقوا إلاّ على أهل دينكم»، فنزلت الآية الكريمة مبيحة للصّدقة على من ليس من دين الإسلام، فأمر صلّى الله عليه وسلّم بعدها بالصّدقة على كلّ سائل من أيّ دين. رواه ابن أبي حاتم.

وروى ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّه قال: كان ناس من الأنصار لهم قرابات من المشركين، وكانوا لا يتصدقون عليهم رغبة منهم في أن يسلموا إذا احتاجوا، فنزلت الآية. رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>