والتقليد، تعذر إفهامهم الحكم، والمعاني الدقيقة، فلم ينتفعوا بسرد الألفاظ عليهم، غير ما ينتفع به البهائم من كلام الناعق. انتهى. جمل البيضاوي.
الإعراب:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}: إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} في الآية رقم [٤٠] والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، {أَفَأَنْتَ}: الهمزة: حرف استفهام.
الفاء: حرف عطف. (أنت): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {تُسْمِعُ}:
مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«أنت». {الصُّمَّ}: مفعول به، وجملة:{تُسْمِعُ الصُّمَّ}: في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{أَفَأَنْتَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها. {وَلَوْ}: الواو: واو الحال. (لو): وصلية. {كانُوا}: ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {لا}: نافية. {يَعْقِلُونَ..}.: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان)، وجملة:{وَلَوْ كانُوا..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة؛ وعليه تكون الجملة الاسمية معترضة لا محل لها، أو في محل نصب حال من الضم، والرابط على الاعتبارين الواو، والضمير. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} أي: ومن المشركين الذين ينظرون إليك، ويعاينون دلائل نبوتك. ولكن لا يصدقونك. {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ} أي: أتقدر على هدايتهم إذا لم يفتح الله بصائرهم للإيمان، ويوفقهم للهدى. {وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ} أي: وإن انضم إلى عمى البصر عمى البصيرة، فإن المقصود من الإبصار والاستبصار الاعتبار والتدبر، والعمدة في ذلك البصيرة، فإن عميت فلا ينتفع ابن آدم بالمواعظ والنصائح، قال تعالى:{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ،} ولذا نرى كثيرا من فاقدي البصر ينتفعون بما يسمعون، ويوجد عندهم تدبر وتفكر بما يملى عليهم؛ لأن بصائرهم أي: قلوبهم واعية.
والمراد بالآيتين الكريمتين تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم بسبب ما يلقى من قومه من عناء، أي: كما لا تقدر أن تسمع من سلب السمع، ولا تقدر أن تخلق للأعمى بصرا يهتدي به فكذلك لا تقدر أن توفق قومك للإيمان، وقد حكم الله عليهم أن لا يؤمنوا.
تنبيه: راعى سبحانه معنى {مَنْ} بقوله: {يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ولفظها بقوله {يَنْظُرُ إِلَيْكَ} ومثلها الآية رقم [٤٠] واعتبرهم صما لا يسمعون مع كونهم لهم آذان يسمعون بها؛ إذ المعنى:
لا يسمعون سماع قبول وتعقل، واعتبرهم عميا لا يبصرون مع كونهم لهم عيون يبصرون؛ إذ المعنى لا يبصرون طريق الهدى والرشاد، وانظر الآية رقم [١٧٩] من سورة (الأعراف)، وإعراب الآية الكريمة مثل سابقتها بلا فارق.