للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة (سبأ): {ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ،} والآية رقم [١١٠] من سورة (طه) كلتاهما تخالفان معنى قوله تعالى: {ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا} الآية رقم [٦٤] من سورة (مريم) على نبينا، وحبيبنا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام، وهكذا والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنِ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى من {أَحَداً،} فهو استثناء متصل، وجوز السمين اعتباره منقطعا؛ أي: لكن من ارتضاه، فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه بالوحي، ثم قال: ويجوز أن تكون من شرطية، أو موصولة متضمنة معنى الشرط، وقوله: {فَإِنَّهُ..}. إلخ خبر المبتدأ على القولين، وهو من الاستثناء المنقطع أيضا. انتهى. وتفصيله كما يلي:

{مَنِ:} اسم شرط مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لفعل شرطه، أو هو في محل رفع مبتدأ، والأول أقوى؛ لأن الفعل بعده متعد، ولم يستوف مفعوله. {اِرْتَضى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (الله). {مِنْ رَسُولٍ:} متعلقان بمحذوف حال من: (من)، و {مَنِ} بيان لما أبهم في (من). {فَإِنَّهُ:} الفاء:

واقعة في جواب الشرط. (إنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {يَسْلُكُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا. {مِنْ بَيْنِ:} متعلقان بما قبلهما، و {بَيْنِ} مضاف، و {يَدَيْهِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى صورة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَمِنْ خَلْفِهِ:} معطوفان على ما قبلهما. {رَصَداً:}

مفعول به، وجملة: {يَسْلُكُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [١٤]. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهي مبتدأ، والجملة بعدها صلة، والعائد محذوف، التقدير: الذي ارتضاه، والجملة الاسمية: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ..}. إلخ في محل رفع خبره، واقترنت بالفاء؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والكلام: {مَنِ ارْتَضى..}. إلخ في محل نصب على الاستثناء المنقطع، كما رأيته سابقا.

{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨)}

الشرح: {لِيَعْلَمَ} أي: ليعلم محمد صلّى الله عليه وسلّم: أنّ جبريل عليه السّلام قد بلغ إليه رسالات ربه.

وقيل: معناه: ليعلم محمد صلّى الله عليه وسلّم: أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم إلى أقوامهم، وأن الله حفظهم، ودفع عنهم. وقيل: معناه: ليعلم الله علم ظهور، فإنه تعالى عالم بما كان، وما يكون أن رسله الكرام قد بلغوا عنه وحيه كما أوحاه إليهم محفوظا من الزيادة، والنقصان، فلا يخفى

<<  <  ج: ص:  >  >>