وهي مكية بالإجماع، وهي مئة وثماني عشرة آية، وألف وثمانمئة وأربعون كلمة، وأربعة آلاف وثمانمئة حرف وحرفان. انتهى. خازن.
فعن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النّحل، فأنزل الله عليه يوما، فمكث ساعة، ثم سري عنه، فقرأ:{*قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ..}. إلى عشر آيات من أولها، وقال: من أقام هذه العشر آيات دخل الجنة، ثم استقبل القبلة، ورفع يديه، وقال:«اللهم زدنا، ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا». أخرجه الترمذي. انتهى. خازن، ومعنى «أقام هذه العشر آيات» أقام عليهن، ولم يخالف ما فيهن، كما تقول: فلان يقوم بعمله على الوجه الأكمل.
الشرح:{قَدْ أَفْلَحَ:} فاز برضا الله، وجنة عرضها السموات والأرض، ونجا من عذاب الله، وسخطه. {الْمُؤْمِنُونَ:} الموحدون، وانظر الإيمان في الآية رقم [١٤] من سورة (الحج)، والتعبير بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه، وقد مر معنا كثير من ذلك، ولذا دخلت «قد» على الماضي، وقد تقربه من الحال كما عرفته في الإعراب كثيرا. {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ:} انظر شرح (الصلاة، والزكاة) في الآية رقم [٣١] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.
أما «الخشوع» فهو لب الصلاة، وجوهرها، وقد قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في تفسير {خاشِعُونَ:} مخبتون، أذلاء، متواضعون. هذا؛ والخشوع في الصلاة يكون في القلب والجوارح، أما خشوع القلب فهو الخوف من الله، وحضوره معه حينما يقول المصلي:{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} وملاحظة: أنه بين يديه تعالى في جميع حركاته، وسكناته. وأما خشوع الجوارح، فعدم الالتفات في الصلاة، وعدم رفع البصر إلى السماء، وعدم العبث بشيء من جسده وثيابه، وذلك لما يلي: