فعن عائشة-رضي الله عنها، وعن أبويها-قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو اختلاس يختلسه الشّيطان من صلاة العبد». الاختلاس: هو السرقة، والاختطاف. متفق عليه. وعن أبي ذر-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يزال الله مقبلا على العبد، وهو في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا التفت أعرض عنه». أخرجه أبو داود، والنسائي. وعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟». فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينتهنّ عن ذلك، أو لتخطفنّ أبصارهم».
أخرجه البخاري. وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أبصر رجلا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: «لو خشع قلب هذا؛ لخشعت جوارحه». ذكره البغوي بغير سند، وغير ذلك، وخذ قول الشاعر: [الطويل]
ألا في الصّلاة الخير والفضل أجمع... لأنّ بها الآراب لله تخضع
وأوّل فرض من شريعة ديننا... وآخر ما يبقى إذا الدّين يرفع
فمن قام للتكبير لاقته رحمة... وكان كعبد باب مولاه يقرع
وصار لربّ العرش حين صلاته... نجيّا فيا طوباه لو كان يخشع
الآراب: جمع: الإرب بكسر فسكون، وهو العضو، وقال آخر: [الطويل]
تصلّي بلا قلب صلاة بمثلها... يكون الفتى مستوجبا للعقوبة
تظلّ وقد أتممتها غير عالم... تزيد احتياطا ركعة بعد ركعة
فويلك تدري من تناجيه معرضا... وبين يدي من تنحني غير مخبت؟
تخاطبه إيّاك نعبد مقبلا... على غيره فيها لغير ضرورة
ولو ردّ من ناجاك للغير طرفه... تميّزت من غيظ عليه وغيرة
أما تستحي من مالك الملك أن يرى... صدودك عنه يا قليل المروءة
إلهي اهدنا فيمن هديت وخذ بنا... إلى الحقّ نهجا في سواء الطريقة
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ:} قيل المراد باللغو هنا: الشرك، وهو غير واضح؛ لأن الأفعال التي وصف الله بها المؤمنين كلها مأمور بها المؤمنون، والأولى تفسيره بكل باطل، ولهو، وما لا يجمل من القول، والفعل. وقد وصف الله عباده في سورة (الفرقان) بقوله: {وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً} قال البيضاوي هناك: واللغو ما يجب أن يلغى ويطرح، و {كِراماً} معرضين عنه، مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه، والخوض فيه، وقال عن قوم مؤمنين في سورة (القصص): {وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ..}. إلخ {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ} أي: الزكاة