هذا؛ وأما:{بِمَ} فهي كلمة مؤلفة من حرف، واسم، فالحرف الباء الجارة، والاسم (ما) الاستفهامية، وقد حذفت ألفها، كما تحذف مع كل جار، نحو قوله تعالى:{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها}{عَمَّ يَتَساءَلُونَ،}{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} للفرق بين الموصولة، والاستفهامية، ويقال: للفرق بين الخبر، والاستخبار.
الإعراب:{وَإِنِّي:} الواو: حرف عطف. (إني): حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها. {مُرْسِلَةٌ:} خبر: (إنّ)، وفاعله ضمير مستتر تقديره:«أنا».
{إِلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {مُرْسِلَةٌ}. {بِهَدِيَّةٍ:} متعلقان ب {مُرْسِلَةٌ} أيضا. هذا؛ وإن اعتبرت الباء زائدة؛ فلست مفندا، والمعنى يؤيده، فيكون مفعولا به ل:{مُرْسِلَةٌ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية:{وَإِنِّي..}. إلخ معطوفة على جملة:{إِنَّ الْمُلُوكَ..}. إلخ فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {فَناظِرَةٌ:} الفاء: حرف عطف. (ناظرة): معطوفة على {مُرْسِلَةٌ،} وفاعله مستتر تقديره:
«أنا». {بِمَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، وقد رأيت في الشرح كيف حذفت ألف (ما)، وقيل: متعلقان ب (ناظرة) ويرده: أن الاستفهام له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله. {يَرْجِعُ:} فعل مضارع. {الْمُرْسَلُونَ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الفعلية:{بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} في محل نصب سدت مسد مفعول (ناظرة) المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام.
الشرح:{فَلَمّا جاءَ سُلَيْمانَ} أي: جاء الرسول، أو ما أهدته إليه، وقرئ: «(فلما جاؤوا إليه)» قال: {أَتُمِدُّونَنِ} أي: أتزيدونني مالا إلى ما تشاهدونه من أموالي، والخطاب للرسول ومن معه، وقرئ الفعل بقراآت كثيرة. {فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمّا آتاكُمْ} أي: فما أعطاني من الإسلام، والملك، والنبوة خير مما أعطاكم، فلا أفرح بالمال. {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ:} والمعنى: إن ما عندي خير مما عندكم، وذلك: أن الله آتاني الدين الذي فيه الحظ الأوفر، والغنى الأوسع، وآتاني من الدنيا ما لا يستزاد عليه، فكيف يرضى مثلي بأن يمد بمال؟ بل أنتم قوم لا تعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا، فلذلك تفرحون بما تزادون، ويهدى إليكم؛ لأن ذلك مبلغ همتكم، وحالي خلاف حالكم، لا أرضى منكم بشيء، ولا أفرح بشيء منكم إلا بالإيمان، وتوحيد الله، وترك الشرك به، والوثنية. هذا؛ وانظر (الفرح) في سورة (الروم) رقم [٣٢] فإنه جيد جدا.
تنبيه: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل الهدية، ويثيب عليها، ولا يقبل الصدقة، وكذلك كان سليمان وسائر الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وإنما رد سليمان هدية بلقيس؛ لأنها جعلت