والفاعل يعود إلى {اللهِ}. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: ينصر الذي، أو: شخصا يشاء نصره، والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الضمير فقط. وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْعَزِيزُ:} خبر أول.
{الرَّحِيمُ:} خبر ثان، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل (ينصر) المستتر، والرابط: الواو، والضمير، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها أيضا.
{وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦)}
الشرح:{وَعْدَ اللهِ} أي: وعد الله وعدا قاطعا بظهور الروم على فارس. {لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ:}
لامتناع الخلف في حقه تعالى كرما، وجودا. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ:} الحقيقة، ولا يفهمونها، وذكر الأكثر إما لأن بعضهم لا يعرف الحق لنقصان عقله، أو لتقصيره في النظر، أو لم تقم عليه الحجة؛ لأنه لم يبلغ حد التكليف، أو لأنه يقام مقام الكل. وخذ قول الشاعر:[البسيط] لم يبق من جلّ هذا الناس باقية... ينالها الوهم إلا هذه الصّور
لا يدهمنّك من دهمائهم عدد... فإنّ جلّهم بل كلّهم بقر
دهمه: غشيه، يقول: لا يدهمنك من جماعتهم الكثيرة عدد فيهم غناء، ونصرة، فإن كلهم كالأنعام، والبهائم، ولله درّ القائل:[المنسرح] لا يدهمنّك اللّحاء والصّور... تسعة أعشار من ترى بقر
في شجر السّرو منهم شبه... له رواء ما له ثمر
ورضي الله عن حسان بن ثابت؛ إذ يقول:[البسيط] لا بأس بالقوم من طول ومن عظم... جسم الجمال وأحلام العصافير
هذا والفعل {يَعْلَمُونَ} من المعرفة، لا من العلم اليقيني، والفرق بينهما: أن المعرفة تكتفي بمفعول واحد، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز] لعلم عرفان وظنّ تهمه... تعدية لواحد ملتزمه
بخلافه من العلم اليقيني، فإنه ينصب مفعولين، أصلهما: مبتدأ، وخبر، وأيضا فالمعرفة تستدعي سبق جهل، وأن متعلقها الذوات دون النّسب بخلاف العلم، فإن متعلقه المعاني، والنّسب، وتفصيل ذلك: أنك إذا قلت: عرفت زيدا؛ فالمعنى: أنك عرفت ذاته، ولم ترد أنك