للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفرقان]

سورة (الفرقان) وهي مكية، وآياتها سبع وسبعون، وكلماتها ثمانمئة واثنتان وتسعون، وحروفها ثلاثة آلاف وسبعمئة وثلاثون، وقال ابن عباس وقتادة-رضي الله عنهما-:

السورة مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت في المدينة، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ..}. إلى قوله: {... وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}.

قال القرطبي: ومقصود هذه السورة ذكر موضع عظم القرآن، وذكر مطاعن الكفار في النبوة، والرد على مقالاتهم، فمن جملتها قولهم: إن القرآن افتراه محمد صلّى الله عليه وسلّم، وإنه ليس من عند الله.

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١)}

الشرح: {تَبارَكَ الَّذِي:} تكاثر خيره من البركة، وهي كثرة الخير، وزيادته، ومعنى «تبارك الله» تزايد خيره، وتكاثر، أو تزايد عن كل شيء، وتعالى عنه في صفاته، وأفعاله، وهي كلمة تعظيم وتقديس، لم تستعمل إلا لله وحده، وهو ملازم للماضي، لا يأتي منه مضارع، ولا أمر، قال الطّرمّاح: [الطويل]

تباركت لا معط لشيء منعته... وليس لما أعطيت يا ربّ مانع

وقال آخر: [الطويل]

تباركت ما تقدر يقع ولك الشّكر

{نَزَّلَ الْفُرْقانَ:} القرآن سماه الله: فرقانا؛ لأنه فرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام بتقريره، أو بين المحق والمبطل بإعجازه، أو لكونه نزل مفرقا في ثلاث وعشرين سنة، ولهذا قال:

{نَزَّلَ} بالتشديد لتكثير التفريق، وينبغي أن تعلم: أن الفرقان يطلق على كل منزل من السماء، قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ..}. إلخ الآية رقم [٤٨] من سورة (الأنبياء).

{عَلى عَبْدِهِ:} انظر الآية رقم [١] من سورة (الإسراء) ففيها الكفاية. {لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً:} النذير: المحذر من الهلاك، والنذير: المنذر من الشر، و (نذير) مخوف من غضب الله تعالى، وعقابه، والمراد ب‍: (العالمين) الإنس والجن؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد كان أرسل إليهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>