للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكاف حرف خطاب لا محل له، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله الفعل الذي بعده، التقدير: الله يفعل ما يشاء فعلا كائنا مثل ذلك الفعل. هذا؛ وقيل: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: الأمر كذلك، كما قيل: متعلقان بمحذوف خبر مقدّم، و {اللهُ:} مبتدأ مؤخر. والأول هو المعتمد. {اللهُ:} مبتدأ على الوجهين الأولين في: {كَذلِكَ}. {يَفْعَلُ:} فعل مضارع، وفاعله يعود إلى {اللهُ}.

{ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {يَشاءُ:}

فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهُ} والجملة الفعلية صلة: {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يفعل الذي أو شيئا يشاؤه، وجملة: {يَفْعَلُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو لفظ الجلالة، وأما على الوجه الثالث في لفظ الجلالة؛ فالجملة الفعلية في محل نصب حال منه، والكلام: {كَذلِكَ اللهُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:

{قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{قالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً وَاُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)}

الشرح: {قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً:} علامة أعرف بها حمل امرأتي بالغلام؛ لأستقبله بالفرح، والسرور، والشّكر للربّ الغفور. {قالَ آيَتُكَ} أي: علامتك على الذي طلبت معرفة علمه: {أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ} أي: لا تقدر على تكليم الناس ثلاثة أيام؛ أي: مدّة ثلاثة أيام بلياليها. والقائل جبريل بأمر الله تعالى له. {إِلاّ رَمْزاً} يعني: إشارة، وهي قد تكون باليد، وبالعين وبالإيماء بالرأس، وكانت إشارته بالإصبع المسبّحة. وقد يكون الرمز باللّسان من غير تبيين كلام، وهو الصوت الخفي شبه الهمس. ومن الإشارة بالعين قول عمر ابن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل]

أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون ولم تتكلّم

فأيقنت أنّ الطّرف قد قال مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم

قال جمهور المفسرين: عقد لسانه عن تكليم الناس ثلاثة أيام مع بقائه على قدرة التسبيح والذّكر، ولذلك قال في الآية: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ} يعني: في أيام منعك من الكلام. وهذه من الآيات الباهرة، والمعجزات الظاهرة؛ لأنّ قدرته على التسبيح، والذكر مع عجزه على تكليم الناس بأمور الدنيا، وذلك مع صحة الجسم، وسلامة الجوارح من أعظم المعجزات. وإنما منع من الكلام مع الناس ليخلص في الأيام الثلاثة لعبادة الله تعالى، وذكره، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>