للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاُذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)}

الشرح: {آمَنُوا}: انظر الآية رقم [٢]. {لَقِيتُمْ}: لقي بمعنى: صادف، ومصدره: اللقي بضم اللام، وكسر القاف، واللقى بضم اللام مقصورا، واللقاء بكسرها ممدودا ومقصورا.

{فِئَةً}: جماعة، والمراد: الكفار. وترك وصفها؛ لأن المؤمنين ما كانوا يحاربون إلا الكفار.

وانظر الآية رقم [١٦]. {فَاثْبُتُوا} أي: في ساحة الحرب، ولا تهربوا، وظاهر اللفظ يوجب الثبات في الميدان على كل حال، وذلك يوهم نسخ ما ذكر في الآية رقم [١٦] من التحرف والتحيز، والجواب أن آية التحرف والتحيز؛ لا تقدح في حصول هذا الثبات في المحاربة، بل ربما كان الثبات لا يحصل إلا بذلك التحرف، والتحيز. {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً} أي: في مواطن الحرب، داعين له، مستظهرين بذكره، مترقبين لنصره. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة، وفيه تنبيه على أن العبد ينبغي أن لا يشغله شيء عن ذكر الله، وأن يلتجئ إليه عند الشدائد، ويقبل عليه بقلب فارغ البال، واثقا بأن لطفه لا ينفك عنه في شيء من الأحوال. وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [١٦٨] من سورة (الأعراف).

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: انظر الإعراب في الآية رقم [٢٠]. {إِذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {لَقِيتُمْ}: فعل وفاعل، {فِئَةً،} مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على القول المرجوح المشهور. {فَاثْبُتُوا}: الفاء: واقعة في جواب {إِذا}.

(اثبتوا): فعل أمر مبني على حذف النون، الواو فاعله، والألف للتفريق. وانظر المتعلق في الشرح، والجملة الفعلية جواب {إِذا} لا محل لها، و {إِذا} ومدخولها كلام لا محل له؛ لأنه كلام ابتدائي كالجملة الندائية قبله. {وَاذْكُرُوا}: (اذكروا): فعل أمر وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {اللهَ}: منصوب على التعظيم. {كَثِيراً}: صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: ذكرا كثيرا، ويجوز اعتباره نائب مفعول مطلق، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: إعراب هذه الجملة ومحلها مثل جملة: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} في الآية رقم [٢٦].

{وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاِصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ (٤٦)}

الشرح: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} أي: فيما يأمرانكم به من الجهاد والثبات عند لقاء العدو، وقرن سبحانه طاعة نبيه بطاعته، وهذا يتكرر في القرآن الكريم، انظر الآية رقم [٦٨] من سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>