للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اِسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥)}

الشرح: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا} أي: وفيهم أيضا عبرة، وآية حين قيل لهم: عيشوا متمتعين بالدنيا. {حَتّى حِينٍ} أي: إلى وقت الهلاك، وهو ثلاثة أيام، كما قال في سورة (هود) رقم [٦٥]: {تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}. {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} أي:

خالفوا أمر الله، وعقروا الناقة. {فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ:} العذاب، وقال صاحب المختار: الصاعقة:

نار تسقط من السماء في رعد شديد، يقال: صعقتهم السماء من باب: قطع: إذا ألقت عليهم الصاعقة. والصاعقة أيضا صيحة العذاب. وكل عذاب مهلك صاعقة. هذا؛ وقال تعالى في سورة (هود) رقم [٦٧]: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} وقال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٧٨]: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} وقال تعالى في سورة (القمر) رقم [٣١]: {إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً..}. إلخ، والمراد فيها بكل معانيها صيحة جبريل عليه السّلام. {وَهُمْ يَنْظُرُونَ} أي: ينظرون العذاب؛ لأنه نزل بهم نهارا، أو هو من الانتظار؛ أي:

ينتظرون ما وعدوه من العذاب. {فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ} أي: فما قدروا على الهرب من العذاب، أو ما قدروا على النهوض بعد نزول العذاب بهم، أو ما قدروا على دفعه عن أنفسهم. وقيل: ما أطاقوه، تقول: لا أقوم لهذا الأمر؛ أي: لا أطيقه. {وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ} أي: ما كانوا ممتنعين من العذاب، بمعنى لم تكن لهم قوة يدفعون العذاب بها، ولم يكن لهم ناصر يمنعهم منه.

هذا؛ و (ثمود) قبيلة أخرى من العرب ك‍: (عاد)، سموا باسم أبيهم الأكبر، ثمود بن غابر، بن سام بن نوح، وهو أخو جديس بن غابر. وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز، والشام إلى وادي القرى وما حوله. قال أبو عمرو بن العلاء: سميت ثمود لقلة مائها، والثمد:

الماء القليل، والأول هو المعتمد، وانظر صرفه، وعدمه في الاية رقم [٤١] وقرئ بصرفه شاذا، ورسول قبيلة ثمود هو صالح بن عبيد، بن آسف، بن ماسح، بن عبيد، بن حاذر، بن ثمود، وليس من أنبياء بني إسرائيل ك‍: (هود) وكان بينهما مئة سنة، وعاش صالح مئتين وثمانين سنة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ:} هو مثل {وَفِي مُوسى إِذْ} رقم [٣٨]. {قِيلَ:} ماض مبني للمجهول.

{لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {تَمَتَّعُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {حَتّى حِينٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل: {قِيلَ}. أفاده ابن هشام في مغنيه، وهذا يكون جاريا على القاعدة العامة: «يحذف الفاعل، ويقام المفعول به مقامه» وهذا لا غبار عليه، وقد ذكرت لك مرارا: أن بعضهم يعتبر نائب

<<  <  ج: ص:  >  >>