وهكذا حتى تصير الصفوف سبعة، كلهم يحرسون أهل المحشر من الفرار والهرب، قال تعالى في سورة (الفجر): {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وقد تقدم لهذا مزيد بسط في آخر سورة (إبراهيم) عند قوله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ..}. إلخ، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف استئناف. (يوم): مفعول به لفعل محذوف، تقديره:
اذكر. {تَشَقَّقُ:} فعل مضارع. {السَّماءُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {بِالْغَمامِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {السَّماءُ،} وجملة:
اذكر يوم... إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَنُزِّلَ:} الواو: حرف عطف. (نزل): ماض مبني للمجهول. {الْمَلائِكَةُ:} نائب فاعله. {تَنْزِيلاً:} مفعول مطلق، وجملة: {وَنُزِّلَ..}. إلخ معطوفة على جملة: {تَشَقَّقُ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها.
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦)}
الشرح: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ:} يوم القيامة. {الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ} أي: الملك الثابت له تعالى؛ لأن كل ملك يبطل يومئذ ولا يبقى إلا ملكه؛ لأن السلطان الظاهر، والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى، ظاهرا، وباطنا بحيث لا زوال له أصلا، ولا يكون إلا لله تعالى، وهو فحوى قوله تعالى في آخر سورة (الانفطار): {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ}. {وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً:} شديدا لما ينالهم فيه من الأهوال، ويلحقهم من الخزي والهوان، وهو على المؤمنين أخف من صلاة مكتوبة.
فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤] فقلت: ما أطول هذا اليوم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده، إنّه ليخفّف عن المؤمن حتّى إنّه يكون أخفّ عليه من صلاة المكتوبة يصلّيها في الدّنيا».
الإعراب: {الْمُلْكُ:} مبتدأ. {يَوْمَئِذٍ:} ظرف زمان متعلق بما قبله؛ لأنه مصدر. {الْحَقُّ:}
صفة {الْمُلْكُ}. {لِلرَّحْمنِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَكانَ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى (يوم القيامة). {يَوْماً:} خبر (كان). {عَلَى الْكافِرِينَ:}
متعلقان ب {عَسِيراً} بعدهما. {عَسِيراً:} صفة {يَوْماً،} وجملة: {وَكانَ..}. إلخ معطوفة على الجملة الاسمية السابقة، أو هي مستأنفة، ولا محل لها على الاعتبارين.
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اِتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧)}
الشرح: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ} من فرط الحسرة، وشدة الندامة، وعض اليدين، وأكل البنان، وحرق الأسنان، ونحوها كنايات عن شدة الغيظ، والحسرة؛ لأنها من روادفهما. هذا؛