{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. ({مَنْ}): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَسْتَنْكِفَ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}). {عَنْ عِبادَتِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَيَسْتَكْبِرْ:} معطوف على فعل الشرط مجزوم مثله، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}). {فَسَيَحْشُرُهُمْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط، والسين: حرف استقبال وتسويف، وهي هنا للتّحقيق. (يحشرهم): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}) والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور. وخبر المبتدأ الذي هو ({مَنْ}) مختلف فيه.
فقيل: جملة الشرط. وقيل: هو جملة الجواب. وقيل: الجملتان وهو المرجّح عند المعاصرين.
هذا؛ وإن اعتبرت الجواب محذوفا، التقدير: فهو يجازيه. فتكون الجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {إِلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {جَمِيعاً:} حال من الضّمير المنصوب.
الشرح:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} أي: الأعمال الصّالحات على اختلاف مراتبها، ودرجاتها، من فعل مأمورات، وترك منهيّات، وعطف:({عَمِلُوا}) على: {آمَنُوا} يشير إلى أنّ الإيمان وحده لا يكفي للنّجاة من النار. وأنت إذا تأمّلت في آيات القرآن؛ قلّما تجد ذكر الإيمان، إلا ويعطف عليه الأعمال الصالحات، ويؤيّد ذلك ما ورد من قول الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم:«الإيمان والعمل قرينان، لا يقبل الله أحدهما بدون صاحبه».
{فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ:} يعطيهم ثواب أعمالهم الصالحة كاملا غير منقوص. {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي: يمنحهم من فضله ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وقيل: المراد بالزيادة: الشّفاعة فيمن وجبت له النار ممّن صنع إليهم المعروف في دنياهم.
والأولى: أنّ الزيادة المراد بها: النظر إلى وجهه الكريم، قال تعالى في سورة (يونس) على نبينا وحبيبنا وعليه ألف صلاة وألف سلام: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ}. وقال عزّ وجل في سورة (ق): {لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ}.
{وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا..}. إلخ: هذا مقابل ل: {الَّذِينَ آمَنُوا؛} لأنّه قد جرت سنة الله في كتابه أن لا يذكر العمل الصّالح إلا ويذكر العمل السيئ، ولا يذكر الإيمان إلا ويذكر الكفر، والضّلال، ولا يذكر الجنة إلا ويذكر النار؛ ليكون العبد راغبا في الخير، خائفا من الشر. {وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا:} يلي أمورهم، ويدبّر مصالحهم. {وَلا نَصِيراً:} ينصرهم من الله تعالى، وينجّيهم من عذابه.