للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى (١٤)}

[الشرح]

أي: أخبرني يا محمد عن ذلك المجرم الآثم الناهي لك عن طاعة الله إن كذب بالقرآن، وأعرض عن الإيمان. {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى} أي: ألم يعلم ذلك الشقي: أن الله مطلع على أحواله، مراقب لأفعاله، وسيجازيه عليها، ويله ما أجهله وأغباه؟! وفيه وعيد شديد، وتهديد عظيم. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ:} إعرابه مثل إعراب سابقه. {وَتَوَلّى:} الواو: حرف عطف.

(تولى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف معطوف على ما قبله، فهو مثله في محل جزم، والفاعل يعود إلى الآثم الناهي، تقديره: «هو». {أَلَمْ:} الهمزة: حرف تقرير، وجزم، وتوبيخ، وتقريع. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَعْلَمْ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم)، والفاعل تقديره: «هو» يعود إلى المجرم الناهي. {بِأَنَّ:} الباء: حرف جر. (أنّ): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَرى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {اللهَ،} والمفعول محذوف للتعميم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار، والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. هذا؛ وإن اعتبرت الباء صلة؛ فالمصدر يكون قد سد مسد المفعول، فهو في محل جر لفظا، وفي محل نصب محلا، والجملة الفعلية جواب الشرط، انظر كلام الزمخشري في الآية السابقة.

هذا؛ وقد قال الجمل-رحمه الله تعالى-: واعلم: أن {أَرَأَيْتَ} إذا كانت بمعنى: أخبرني كما هنا، فإنها تتعدى إلى مفعولين، ثانيهما جملة استفهامية. وقد تقدم هذا غير مرة، وهنا قد ذكرت ثلاث مرات، وقد صرح بعد الثالثة منها بجملة استفهامية، فتكون في موضع المفعول الثاني لها، ومفعولها الأول محذوف، وهو ضمير يعود على {الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً} الواقع مفعولا أول ل‍: {أَرَأَيْتَ} الأولى، وأما {أَرَأَيْتَ} الأولى فمفعولها الأول {الَّذِي،} والثاني محذوف، وهو جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد {أَرَأَيْتَ} الثالثة، وأما {أَرَأَيْتَ} الثانية، فلم يذكر لها مفعول، لا أول، ولا ثان، فحذف الأول لدلالة المفعول الأول من {أَرَأَيْتَ} الأولى عليه، وحذف الثاني لدلالة مفعول {أَرَأَيْتَ} الثالثة عليه، فقد حذف الثاني من {أَرَأَيْتَ} الأولى، والأول من الثالثة، والاثنان من الثانية، وليس ذلك من باب التنازع؛ لأنه يستدعي إضمارا، والجمل لا تضمر، إنما تضمر المفردات، وإنما ذلك من باب الحذف للدلالة. انتهى. سمين. وأما جواب الشرط الذي في حيز الثانية، والثالثة؛ فمحذوف يدل عليه الجملة الاستفهامية، والتقدير: إن كان على الهدى، أو أمر بالتقوى ألم يعلم ذلك الناهي بأن الله يرى. وتقديره في الثالثة: إن كذب،

<<  <  ج: ص:  >  >>