للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {مُنِيبِينَ:} حال من واو الجماعة ب‍: «الزموا» الذي رأيت تقديره في الآية السابقة، أو حال من فاعل (أقم) المستتر؛ لأن الأمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم أمر له، ولأمته. فالمعنى أقيموا وجوهكم.

ويؤيده عطف: {وَاتَّقُوهُ} عليه، فهو منصوب وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله مستتر فيه. {إِلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان به. {وَاتَّقُوهُ:} الواو: حرف عطف: (اتقوه): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: «الزموا» التي رأيت تقديرها في الآية السابقة، أو هي معطوفة على جملة: (أقم...) إلخ التي رأيت تأويلها، وجملة: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} معطوفة عليها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {تَكُونُوا:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍: (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع اسمه، والألف للتفريق. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {تَكُونُوا،} وهذه الجملة معطوفة على ما قبلها.

{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)}

الشرح: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ:} إن كان الضمير راجعا إلى كفار قريش، فيكون معنى التفريق راجعا إلى تفريق أهوائهم، واختلافهم فيما يعبدون من أوثان، وعبادة الملائكة، وغير ذلك من المعبودات الباطلة؛ التي كانت شائعة عند العرب في الجاهلية، ويؤيده قراءة حمزة، والكسائي: «(فارقوا)» أي: فارقوا دينهم الصحيح، وهو دين إبراهيم، وإسماعيل، على نبينا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام. وقيل: هم أهل البدع من هذه الأمة. وقيل: هم اليهود والنصارى، ويؤيده قوله تعالى: {وَكانُوا شِيَعاً}.

هذا؛ وشيع: جمع: شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، وأشياع، وأصله من التشيع، وهو التحزب، ومعنى الشيعة الجماعة الذين يتبع بعضهم بعضا. وقيل: الشيعة هم الذين يتقوى بهم الإنسان، وفي القاموس المحيط: وشيعة الرجل بالكسر: أتباعه، وأنصاره؛ والفرقة على حدة، وتقع على الواحد، والاثنين، والجمع، والمذكر، والمؤنث. وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى علي بن أبي طالب، وأهل بيته-رضي الله عنهم أجمعين-، حتى صار اسما لهم خاصة، قال الكميت: [الطويل] وما لي إلاّ آل أحمد شيعة... وما لي إلاّ مذهب الحقّ مذهب

{كُلُّ حِزْبٍ:} كل فريق، وملة. هذا؛ والحزب في اللغة: أصحاب الرجل الذين يكونون معه على مثل رأيه، وهم القوم الذين يجتمعون لأمر حزبه، يعني: أهمّه، والجمع: أحزاب.

{بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ:} مسرورون معجبون به، معتقدون: أنه الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>