للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَبَّدْتَ:} فعل، وفاعل. {بَنِي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {بَنِي} مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، و {أَنْ} والفعل بعدها في تأويل مصدر؛ قال السمين: في محله أوجه سبعة: أحدها: أنه في محل رفع عطف بيان ل‍: (تلك) كقوله تعالى: {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ..}. إلخ.

والثاني: أنه في محل نصب مفعولا لأجله. والثالث: أنه بدل من: {نِعْمَةٌ}. والرابع: أنه بدل من الهاء في {تَمُنُّها}. والخامس: أنه مجرور بباء مقدرة؛ أي: بأن عبدت. والسادس: أنه خبر مبتدأ مضمر؛ أي: هي. والسابع: أنه منصوب بإضمار: أعني. انتهى. جمل. والجملة الاسمية: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.

{قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤)}

الشرح: {قالَ فِرْعَوْنُ..}. إلخ: أي: إنك تدعي: أنك رسول رب العالمين، فما صفته، وذلك؛ لأنك إذا أردت السؤال عن صفة زيد، تقول: ما زيد؟ تعني: أطويل، أم قصير، أفقيه، أم طبيب؟ وقيل: هو سؤال عن الجنس، والله منزه عن الجنسية، والماهية؛ فلذلك عدل موسى -عليه السّلام-عن جوابه، وأجابه بذكر أفعاله، وآثار قدرته؛ التي تعجز الخلائق عن الإتيان بمثلها. {قالَ رَبُّ السَّماواتِ..}. إلخ: أي: رب السموات، والأرض هو خالقهما.

فاعرفوا: أنه لا يمكن تعريفه إلا بما ذكرته لكم، فإن أيقنتم بذلك؛ لزمكم أن تقطعوا: أنه لا جواب لكم عن هذا السؤال إلا ما ذكرته من الجواب. {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} أي: إن كنتم تعرفون الأشياء بالدليل، فكفى خلق هذه دليلا، أو إن كان يرجى منكم الإيقان؛ الذي يؤدي إليه النظر الصحيح؛ نفعكم هذا الجواب، وإلا لم ينفع، والإيقال: العلم الذي يستفاد بالاستدلال، ولذا لا يقال: الله موقن.

هذا؛ وقد أعاد الضمير إلى السموات والأرض مثنى والمرجوع إليه مجموع السموات والأرض وتثنية الجمع جائزة على تأويل الجماعتين، قال الشاعر يذم عاملا على الصدقات: [البسيط]

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟

لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين

فقد ثنى «جمال» الذي هو جمع: جمل. والعقاب: صدقة عام، والسبد: المال القليل.

واللبد: المال الكثير. وأوبادا: هلكى جمع: وبد، فهو يقول: صار عمرو عاملا على الزكوات

<<  <  ج: ص:  >  >>