كان من كتبة الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم ارتد، ولحق بالمشركين، فأهدر الرسول دمه فيمن أهدر يوم فتح مكة، وقد كان السبب في الفتنة العمياء التي تسببت عن مقتل عثمان-رضي الله عنه-.
الإعراب:{يَعْلَمُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى الله، تقديره:«هو». {خائِنَةَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْأَعْيُنِ} مضاف إليه. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب معطوفة على:{خائِنَةَ،} والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: والذي، أو: وشيئا تخفيه الصدور، وجملة:{يَعْلَمُ..}. إلخ فيها أربعة أوجه: أحدها: وهو الظاهر أنها خبر آخر عن {هُوَ} في قوله {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ}. الثاني: أنها تعليل لقوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ..}. إلخ.
الثالث: أنها في محل نصب حال من الضمير المستتر، أو المقدر في:{سَرِيعُ الْحِسابِ}.
الرابع: أنها في محل نصب حال من لفظ الجلالة، بقوله:{لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ}. وأجيز على الوجهين الأخيرين أن تكون تعليلية لا محل لها. انتهى. جمل باختصار كبير. وعلى هذا فالكلام بينها، وبين ما هي مرتبطة به معترض لا محل له. هذا؛ وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا حاجة إلى هذه التكلفات، والتعسفات. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ:} يحكم بالعدل؛ لأنه المالك الحقيقي، فلا يقضي بشيء إلا وهو حقه. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الله قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة. انتهى. وهو فحوى قوله تعالى في سورة (النجم) رقم [٣١]: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}.
{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} أي: إن الأصنام، والحجارة؛ التي يعبدها كفار قريش لا حكم لها، ولا قضاء. هذا على سبيل التهكم بالأصنام، وعابديها؛ إذ الجمادات، لا يقال في حقها: تقضي أولا تقضي.
{إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ:} لأقوالهم. (بصير): بأعمالهم، وتصرفاتهم. وهذا تقرير لما في الآية السابقة، ووعيد للكافرين، والفاسقين، والظالمين بأنه تعالى يسمع ما يقولون، ويبصر ما يعملون، وأنه يحاسبهم على أعمالهم؛ إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ، فيجازي من غض بصره عن المحارم خيرا، ويعاقب من نظر إليها، ومن يضمر السوء في قلبه، ويعزم على مواقعة الفواحش؛ لو قدر عليها.