الشرح:{وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى:} هذا خطاب للأبناء بما فعل الآباء، والغرض من ذلك توجيه التوبيخ، والتقريع إليهم؛ لما بينهم وبين أصولهم من الخبث، والمكر، والخداع، ومخالفة الرّسل. {لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ} قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: كانوا نتانى؛ أهل كرّاث، وأبصال، وأعداس، فنزعوا إلى عكرهم عكر السوء-والعكر بكسر الكاف: العادة، والديدن، وبالفتح دردي كل شيء-واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عليه عادتهم. فقالوا: لن نصبر على طعام واحد، وكنوا عن المنّ، والسّلوى بطعام واحد، وهما اثنان لأنهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر. فلذلك قالوا: طعام واحد. وقيل: لتكرار هما في كل يوم غذاء، كما تقول لمن يداوم على الصّلاة، والصوم، والقراءة: هو على أمر واحد؛ لملازمته لذلك، انتهى. قرطبي بتصرف.
هذا؛ والطعام يطلق على ما يطعم، ويشرب، قال تعالى في الآية رقم [٢٤٩] الآتية: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} والمراد ماء النهر، وقال تعالى في سورة (المائدة) رقم [٩٣]: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا} أي: ما شربوه من الخمر. هذا؛ والطّعم بالضم:
الطعام، قال أبو خراش:[الطويل]
أردّ شجاع البطن لو تعلمينه... وأوثر غيري من عيالك بالطّعم
وأغتبق الماء القراح فأنتهي... إذا الزاد أمسى للمزلّج ذا طعم
أراد بالأول الطّعام، وبالثاني ما يشتهى منه. {مِنْ بَقْلِها:} البقل معروف، وهو: كلّ نبات ليس له ساق مثل الخضر من السلق وغير ذلك، والشّجر: ما له ساق. {وَقِثّائِها} بكسر القاف، وقد تضم، وهو أيضا معروف، ويطلق على الخيار، وقيل في جمعه: قثّائيّ، مثل:
علباء، وعلابيّ، إلا أن قثاء من ذوات الواو. هذا؛ وإسناد الإنبات إلى الأرض مجاز عقليّ؛ لأن المنبت في الحقيقة هو الله تعالى.
فائدة: روى ابن ماجة: قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كانت أمي تعالجني للسّمنة،