للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اِهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٦١)}

الشرح: {وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى:} هذا خطاب للأبناء بما فعل الآباء، والغرض من ذلك توجيه التوبيخ، والتقريع إليهم؛ لما بينهم وبين أصولهم من الخبث، والمكر، والخداع، ومخالفة الرّسل. {لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ} قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: كانوا نتانى؛ أهل كرّاث، وأبصال، وأعداس، فنزعوا إلى عكرهم عكر السوء-والعكر بكسر الكاف: العادة، والديدن، وبالفتح دردي كل شيء-واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عليه عادتهم. فقالوا: لن نصبر على طعام واحد، وكنوا عن المنّ، والسّلوى بطعام واحد، وهما اثنان لأنهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر. فلذلك قالوا: طعام واحد. وقيل: لتكرار هما في كل يوم غذاء، كما تقول لمن يداوم على الصّلاة، والصوم، والقراءة: هو على أمر واحد؛ لملازمته لذلك، انتهى. قرطبي بتصرف.

هذا؛ والطعام يطلق على ما يطعم، ويشرب، قال تعالى في الآية رقم [٢٤٩] الآتية: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} والمراد ماء النهر، وقال تعالى في سورة (المائدة) رقم [٩٣]: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا} أي: ما شربوه من الخمر. هذا؛ والطّعم بالضم:

الطعام، قال أبو خراش: [الطويل]

أردّ شجاع البطن لو تعلمينه... وأوثر غيري من عيالك بالطّعم

وأغتبق الماء القراح فأنتهي... إذا الزاد أمسى للمزلّج ذا طعم

أراد بالأول الطّعام، وبالثاني ما يشتهى منه. {مِنْ بَقْلِها:} البقل معروف، وهو: كلّ نبات ليس له ساق مثل الخضر من السلق وغير ذلك، والشّجر: ما له ساق. {وَقِثّائِها} بكسر القاف، وقد تضم، وهو أيضا معروف، ويطلق على الخيار، وقيل في جمعه: قثّائيّ، مثل:

علباء، وعلابيّ، إلا أن قثاء من ذوات الواو. هذا؛ وإسناد الإنبات إلى الأرض مجاز عقليّ؛ لأن المنبت في الحقيقة هو الله تعالى.

فائدة: روى ابن ماجة: قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كانت أمي تعالجني للسّمنة،

<<  <  ج: ص:  >  >>