للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨)}

الشرح: {أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي:} انظر الآية رقم [٦٢] ففيها الكفاية. {وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ:} قال الجمل نقلا من الخازن بتصرف: أتى هود بالجملة الاسمية، ونوح بالجملة الفعلية، حيث قال:

{وَأَنْصَحُ لَكُمْ} وذلك؛ لأن صيغة الفعل تدل على تجدده ساعة بعد ساعة، وكان نوح عليه الصلاة والسّلام يكرر دعوته لهم ليلا، ونهارا، من غير تراخ، فناسب التعبير بالفعل، وأما هود عليه الصلاة والسّلام، فلم يكن كذلك، بل كان يدعوهم وقتا دون وقت، فلهذا عبر بالاسمية. انتهى.

{أَمِينٌ} أي: على أداء الرسالة، وتبليغ النصح. والأمين: الثقة على ما ائتمن عليه. والمدح للنفس بأعظم الصفات غير لائق بالعقلاء، وإنما فعل هود ذلك، وقال هذا القول؛ لأنه كان يجب عليه إعلام قومه بذلك، ومقصوده الرد عليهم في قولهم: {وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ} فوصف نفسه بالأمانة، وأنه أمين في تبليغ ما أرسل به من عند الله. ففيه تقرير للرسالة، والنبوة، وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه في موضع الضرورة إلى مدحها. انتهى. خازن بحروفه.

هذا؛ وانظر (النصح) في الآية رقم [٦٢] وانظر (النصيحة) في الآية رقم [٧٩] الآتية.

أقول: قد مدح يوسف نفسه بقوله: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ومدح نوح، وصالح، ولوط، وشعيب أنفسهم بذلك في سورة (الشعراء) والغرض من ذلك ما ذكرته آنفا. على نبينا، وعليهم ألف ألف ألف صلاة وتسليم.

الإعراب: {أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي:} انظر الإعراب، ومحل الجملة في الآية رقم [٦٢].

(أنا): ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {ناصِحٌ} بعدهما. {ناصِحٌ:} خبر المبتدأ. {أَمِينٌ:} خبر ثان، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل المستتر، والرابط: الواو، والضمير، وهذا أولى من العطف على الجملة الفعلية، بخلافه في الآية رقم [٦٢] فالعطف أولى لاتفاق الجملتين في الفعلية.

{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاُذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩)}

الشرح: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ:} انظر شرح هذا الكلام في الآية رقم [٦٣]. {خُلَفاءَ:} انظر الآية رقم [٦/ ١٦٥]. {مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ:} حيث ملككم ديارهم، ومساكنهم، وجعلكم خلفاءهم؛ لأنهم كانوا من نسل الذين بقوا مع نوح، وإن شداد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>