أحيا أبوي النّبي صلّى الله عليه وسلّم. والقول الفصل بأنّ أبويه صلّى الله عليه وسلّم ناجيان مع أهل الفترة كما ذكرته في سورة (الإسراء)، وهما في الجنّة وجميع أجداده، وجدّاته، إن شاء الله تعالى.
الإعراب: {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا) اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {أَرْسَلْناكَ:} فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ). والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة لا محل لها. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بمحذوف حال من كاف الخطاب، أي: متلبسا بالحقّ. {بَشِيراً:} حال أيضا. {وَنَذِيراً:} معطوف على ما قبله. {وَلا:} الواو:
حرف عطف. ({لا}): نافية، {تُسْئَلُ:} مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل تقديره: أنت، والجملة الفعلية معطوفة على: {بَشِيراً وَنَذِيراً،} فهي في محل نصب حال أيضا. {عَنْ أَصْحابِ:}
متعلقان بما قبلهما. و {أَصْحابِ:} مضاف، و {الْجَحِيمِ} مضاف إليه.
{وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اِتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠)}
الشرح: {وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ... :} في هذا الكلام تيئيس، وتقنيط للرّسول صلّى الله عليه وسلّم من إسلام اليهود، والنّصارى، فإنهم إذا كانوا لم يرضوا حتى يتبع ملتهم، فكيف يسلمون؟!.
هذا؛ والملّة بكسر الميم: الطريقة، والشريعة، والدّيانة، وهي بفتح الميم: الرّماد الحار، وقد تمسّك بهذه الآية جماعة من العلماء، منهم أبو حنيفة، والشافعي على أنّ الكفر ملّة واحدة، لقوله تعالى: {مِلَّتَهُمْ} فوحّد الملّة، وبقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يرث المسلم الكافر». وذهب مالك، وأحمد إلى أنّ الكفر ملل، فلا يرث اليهوديّ النّصرانيّ، ولا يرثان المجوسيّ، والعكس كذلك، أخذا بظاهر قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتوارث أهل ملّتين». وأما قوله تعالى:
{مِلَّتَهُمْ} فالمراد: الكثرة، وإن كانت موحدة في اللفظ بدليل إضافتها إلى ضمير الكثرة، كما تقول:
أخذت عن علماء المدينة علمهم، وسمعت عنهم حديثهم، يعني: علومهم، وأحاديثهم. قرطبي.
{قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى} أي: ما أنت عليه يا محمد من هدى الله الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي، لا ما يدّعيه هؤلاء، والمراد دين الإسلام، الذي ارتضاه الله لنفسه، وللناس أجمعين، حيث قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً}.
{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ:} في هذا الخطاب وجهان: أحدهما: أنه للرّسول صلّى الله عليه وسلّم على سبيل الفرض، والتقدير؛ أي: إن حصل منك ذلك. والثاني: أنّه للرسول، والمراد أمّته، وفيه تأديب لهم، وتهذيب لهم. وسبب نزول الآية: أن علماء اليهود، والنّصارى،