حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {أَطَعْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ). {سادَتَنا:} مفعول به، وعلى القراءة الثانية فعلامة النصب الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {وَكُبَراءَنا:} معطوف على ما قبله. {فَأَضَلُّونَا:} فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {السَّبِيلا:} منصوب بنزع الخافض؛ إذ الأصل: عن السبيل، فلما حذف الجار؛ وصل الفعل إليه، فنصبه. والإضلال لا يتعدى إلى مفعولين من غير توسط حرف الجر كقوله تعالى:{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ،} والألف فيه وفي: {الرَّسُولا} للإطلاق. هذا؛ والآية:{رَبَّنا..}. إلخ كلها في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على جملة {يَقُولُونَ..}. إلخ على جميع الوجوه المعتبرة فيها، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها.
وقال قتادة: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة. {وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً:} هذا؛ ويقرأ:(كثيرا) بالثاء، واختاره أبو حاتم، وأبو عبيد، والنحاس، لقوله تعالى:{أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ} ففيه معنى التكثير. قال محمد بن أبي السري: رأيت في المنام كأني في مسجد عسقلان، وكأن رجلا يناظرني، فيمن يبغض أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم، فقال:«والعنهم لعنا كثيرا»، ثم كررها حتى غاب عني، لا يقولها إلا بالثاء، وقراءة الباء ترجع في المعنى، إلى الثاء؛ لأن ما كبر كان كثيرا عظيم المقدار. هذا؛ وانظر يضاعف في الآية رقم [٣٠]، وانظر كيف يلعن الكفار بعضهم بعضا في الآية رقم [٢٥] من سورة (العنكبوت).
هذا؛ واللعن: الطرد من رحمة الله تعالى، ولقد كرر الله لعن الكافرين في الآية رقم [١٦١] من سورة (البقرة) كما لعن الظالمين، والكاذبين، والناقضين للعهد، والميثاق في آيات متفرقة، وهو دليل قاطع على أن من مات على كفره، فقد استحق اللعن من الله، والملائكة، والناس أجمعين، وأما الأحياء من الكفار، فقد قال العلماء: لا يجوز لعن كافر معين؛ لأن حاله عند الوفاة لا تعلم، فلعله يؤمن، ويموت على الإيمان؛ وقد قيد الله في آية البقرة إطلاق اللعنة على من مات على الكفر، ويجوز لعن الكفار جملة بدون تعيين، كما في قولك: لعن الله الكافرين، يدل عليه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لعن الله اليهود، حرّمت عليهم الشحوم، فجمّلوها، وباعوها». وذهب بعضهم إلى جواز لعن إنسان معين من الكفار، بدليل جواز قتاله، وهو الصحيح؛ كيف لا؟ وقد لعن حسان بن ثابت-رضي الله عنه-أبا سفيان وزوجه هندا قبل أن يسلما في شعره، ولم ينكر عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم، خذ قوله:[الكامل]