للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتقدمه. ومعنى البيتين: أنهما مع استوائهما في وجود كل منهما في السماء امتاز أحدهما عن الآخر، فلهذا حظ، ولا حظ لذاك، فالمدار على القضاء الأزلي، والسعد الأولي. اللهم اجعلنا من السعداء، ولا تجعلنا من الأشقياء! وما أحسن قول من قال في بيان حظوظ الرجال: [الرمل] خلق الحظّ جمانا وحصى... خالق الإنسان من ماء وطين

فوليد تسجد الدّنيا له... ووليد في زوايا المهملين

وقال المتنبي: [الطويل]

هو الحظّ حتى تفضل العين أختها... وحتى يصير اليوم لليوم سيّدا

هذا؛ والحظ: النصيب. قال تعالى في سورة (النساء) في آية المواريث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وقال في سورة (المائدة) في ذم اليهود اللؤماء: {فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ} رقم [١٤] وقيل: الحظ العظيم: الجنة. ولا وجه له في جميع ما ذكرت من الآيات.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {يُلَقّاها:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، و (ها): مفعول به ثان. {إِلاَّ:}

حرف حصر. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل، وهو المفعول الأول، وجملة: {صَبَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الفعلية {وَما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا} مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الخصلة التي رأيت تقديرها؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير. {وَما يُلَقّاها إِلاَّ:} مثل سابقه. {ذُو:} نائب فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة وهو المفعول الأول مثل سابقه، و {ذُو} مضاف، و {حَظٍّ} مضاف إليه.

{عَظِيمٍ:} صفة: {حَظٍّ،} والجمل الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)}

الشرح: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ} أي: ينخسك من الشيطان نخس. المعنى: وإن يوسوس لك الشيطان بترك مقابلة الإساءة بالإحسان، ويحملك على خلاف ما أمرت به، كغضب، وتفكير بشيء غير حسن؛ فاستعذ بالله من شره، ولا تطعه. هذا، والنخس، والنزغ، والنسغ، والنغز، والهمز، والوسوسة ألفاظ مترادفة، وأصل النزغ: الفساد، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} أي: أفسد. فقد شبه سبحانه وتعالى وسوسة الشيطان، وإغواءه للناس بنخس السائق الدابة بشيء لتسير. وفي الجمل: وعبر عن وسوسة الشيطان بالنزغ على سبيل المجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>