للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)}

الشرح: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ:} بالقرآن. {لَمّا جاءَهُمْ:} قيل: معناه: كذبوا به لما جاءهم.

وقيل: كذبوا المنذر، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم لما جاءهم. {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} أي: مختلط ملتبس، قيل: معنى اختلاط أمرهم: قولهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم مرة شاعر، ومرة ساحر، ومرة معلّم مجنون، ومرة كاهن، ويقولون في القرآن: مرة سحر، ومرة رجز، ومرة مفترى، ومرة كهانة، فهو كقوله تعالى في سورة (الذاريات) مخاطبا لهم: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} فكان أمرهم مختلطا ملتبسا عليهم. وقيل في هذه الاية: من ترك الحق مرج عليه أمره، والتبس عليه دينه، قال أبو دؤاد الإيادي: [الرمل] مرج الدّين فأعددت له... مشرف الحارك محبوك الكتد

وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-: «كيف بك يا عبد الله إذا كنت في قوم قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا، فكانوا هكذا، وهكذا (وشبّك بين أصابعه)» أخرجه أبو داود. هذا؛ والفعل بمعنى ما تقدم من الباب الرابع، كفرح، يفرح، وهو من الباب الأول بمعنى: أرسل الدابة، تركها ترعى. قال تعالى في سورة (الرحمن) رقم [١٩]:

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ} وقال في سورة (الفرقان) رقم [٥٣]: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}.

الإعراب: {بَلْ:} حرف إضراب، وانتقال مما هو شنيع إلى ما هو أشنع، وأقبح، وهو تكذيب النبوة بعد إنكار البعث. {كَذَّبُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها مستأنفة. وقيل: معطوفة على جملة {بَلْ عَجِبُوا..}. إلخ. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {لَمّا:} ظرف بمعنى حين مبني على السكون في محل نصب متعلق بما قبله.

هذا؛ وقرئ: «(لما)» بكسر اللام على أن (ما) مصدرية، فتؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر باللام، التقدير: لمجيئهم، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {جاءَهُمْ:} فعل ماض، والهاء في محل نصب مفعول به، والفاعل يعود إلى (الحق)، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {لَمّا} إليها. {فَهُمْ:} الفاء: حرف تعليل. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِي أَمْرٍ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {مَرِيجٍ:} صفة: {أَمْرٍ،} والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية قبلها، لا محلّ لها مثلها.

{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦)}

الشرح: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ:} نظر تفكر واعتبار، وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة. {كَيْفَ بَنَيْناها} أي: رفعناها بلا عمد. {وَزَيَّنّاها:} بالنجوم، والكواكب. {وَما لَها}

<<  <  ج: ص:  >  >>