الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنسفي: و {مِنْ} بيان ل: {إِذا نُودِيَ} وتفسير له، و {يَوْمِ} مضاف، و {الْجُمُعَةِ} مضاف إليه. {فَاسْعَوْا:}(الفاء): واقعة في جواب {إِذا}. (اسعوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب {إِذا} لا محل لها، و {إِذا} ومدخولها كلام مبتدأ لا محل له مثل الجملة الندائية قبله، وجملة (ذروا البيع) معطوفة على جملة {إِذا} لا محل لها مثله.
{ذلِكُمْ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {ذلِكُمْ:}
جار ومجرور متعلقان ب:{خَيْرٌ،} وإعراب: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} مثل إعراب: {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} بلا فارق بينهما مع ملاحظة: أن خبر الأولى جملة فعلية، وخبر (كان) الثانية اسم مفرد، وهو {صادِقِينَ،} وجواب الشرط محذوف، دل عليه ما قبله.
الشرح:{فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} أي: إذا فرغ من صلاة الجمعة، فانتشروا في الأرض للتجارة، والتصرف في حوائجكم، والأمر للإباحة، مثل قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٢]: {وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا}. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن شئت؛ فاخرج، وإن شئت؛ فاقعد، وإن شئت؛ فصلّ إلى العصر. وقيل: قوله تعالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} ليس لطلب الدنيا، ولكن لعيادة مريض، وحضور جنارة، وزيارة أخ في الله. وقيل:
{وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} هو طلب العلم، وكان عراك بن مالك-رحمه الله تعالى-إذا صلى الجمعة؛ انصرف، فوقف على باب المسجد، وقال: اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين.
{وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً} أي: إذا فرغتم من الصلاة، ورجعتم إلى التجارة، والبيع، والشراء؛ فاذكروا الله كثيرا. قيل: باللسان. وقيل: بالطاعة. وقيل: بالشكر على ما أنعم الله به عليكم من التوفيق لأداء الفرائض. ولا يكون الإنسان من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكره قائما، وقاعدا، ومضطجعا، كما قال تعالى في سورة (النساء) رقم [١٠٣]: {فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ} وقال تعالى في وصف أولي الألباب في سورة (آل عمران) رقم [١٩١]: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ} ومن هذه الايات يستفاد أن كل عبادة لها أول، ولها آخر إلا الذكر، فإنه لا يقف عند حد، كما قال تعالى في سورة (الأحزاب) رقم [٣٥]: {وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ} وقد جعل الله تعالى ذلك دون حدّ لسهولته على العبد.