مثلها. {كُلٌّ}: مبتدأ والمضاف إليه محذوف، انظر الشرح. {فِي كِتابٍ}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {مُبِينٍ}: صفة كتاب، والجملة الاسمية:{كُلٌّ..}. إلخ مستأنفة، أو تعليلية لا محل لها على الاعتبارين.
الشرح:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ}: انظر الآية رقم [٥٤] -من سورة (الأعراف) -ففيها الكفاية لذوي الدراية. {وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ} أي: قبل خلق السموات والأرض، ولم يكن حائل بينهما، لا أنه كان موضوعا على سطح الماء، قال كعب: خلق الله ياقوتة خضراء، فنظر إليها بالهيبة، فصارت ماء يرتعد من مخافة الله تعالى، ثم خلق الريح، فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء، وانظر شرح العرش في الآية رقم [٥٤] من سورة (الأعراف)، أو رقم [٢] من سورة (الرعد).
قال بعض العلماء: وفي خلق جميع الأشياء، وجعلها على الماء ما يدل على كمال القدرة؛ لان البناء الضعيف إذا لم يكن له أساس على أرض صلبة لم يثبت، فكيف بهذا الخلق العظيم، وهو العرش والسموات والأرض على الماء، فهذا يدل على كمال قدرة الله تعالى، وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «كتب الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السّماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء». أخرجه مسلم.
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أي: ليعاملكم معاملة المختبر لأحوالكم كيف تعملون، فإن ما خلقه الله في السموات والأرض أسباب، ومواد لوجودكم ومعاشكم، وما تحتاج إليه أعمالكم، ودلائل، وأمارات تستدلون بها، وتستنبطون منها معرفة الواحد الأحد، فيبعثكم ذلك على الإيمان به، وإخلاص العبادة له.
هذا؛ وقرئ: «(أنكم)» بفتح الهمزة على تضمين {قُلْتَ} معنى: ذكرت، أو أن يكون (أنّ) بمعنى (علّ)، أي:{وَلَئِنْ قُلْتَ}: علكم مبعوثون، بمعنى توقعوا بعثكم، ولا تبتوا بإنكاره؛ لعدّوه من قبيل ما لا حقيقة له مبالغة في إنكاره. انتهى. بيضاوي.
-أقول: ومجيء «أن» بمعنى: «علّ» وارد في الكلام العربي، كقول بعض العرب: ائت السوق أنّك تشتري لنا شيئا، حكاه الخليل رحمه الله تعالى، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠٩] -من سورة (الأنعام).